0 / 0

هل يجوز صناعة الفك من عظم البقر ولحم الخنزير؟

السؤال: 541533

يجب أن تخضع والدتي لعملية جراحية للأسنان، حيث يجب صُنع الفكّ من مسحوق العظام؛ لأنها فقدت كل العظم بسبب التقدم في السِّن، فهل يجوز استخدام مسحوق عظام حيوانات يحتوي على 90% من عظام البقر، و10% من مادة لحم الخنزير؛ نظرًا لأن الطبيب أوصى به بدلاً من البدائل الصناعية، لأنه سيكون معدل نجاحها أقل؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

لحم الخنزير نجس، والأصل تحريم وضع شيء نجس في البدن، ومن فعل ذلك وجب عليه إزالته إلا إن خاف الضرر.

قال النووي رحمه الله في "المجموع" (3/ 146): (وإن جبر عظمه بعظم نجس:

فإن لم يخف التلف من قلعه، لزمه قلعه، لأنه نجاسة غير معفو عنها، أوصلها إلى موضع يلحقه حكم التطهير، لا يخاف التلف من إزالتها؛ فأشبه إذا وصلت المرأة شعرها بشعر نجس.

فإن امتنع من قلعه، أجبره السلطان على قلعه، لأنه مستحَق عليه، تدخله النيابة؛ فإذا امتنع، لزم السلطان أن يفعله، كرد المغصوب.

وإن خاف التلف من قلعه، لم يجب قلعه.

ومن أصحابنا من قال : يجب، لأنه حصل بفعله وعدوانه؛ فانتزع منه ، وإن خيف عليه التلف، كما لو غصب مالا، ولم يمكن انتزاعه منه إلا بضرب يخاف منه التلف.

والمذهب: الأولُ؛ لأن النجاسة يسقط حكمها عند خوف التلف، ولهذا يحل أكل الميتة عند خوف التلف؛ فكذلك ههنا" انتهى.

وقال البهوتي في "كشاف القناع" (1/ 292): " (وإن خاط جرحه، أو جبر ساقه ونحوه) كذراعه (بنجس، من عظم أو خيط، فجُبِر، وصح) الجرح أو العظم، (لم تلزمه إزالته) أي: الخيط أو العظم النجس، (إن خاف الضرر)، من مرض أو غيره (كما لو خاف التلف) أي: تلف عضوه، أو نفسه، لأن حراسة النفس وأطرافها من الضرر واجب وهو أهم من رعاية شرط الصلاة" انتهى.

وعليه؛ فلا يجوز صنع الفك من عظم بقر لم يُذكَّ، ولا من لحم خنزير، مطلقاً.

ثانيا:

بعد سؤال أهل الاختصاص تبين أن هناك بدائل أفضل مما ذكرت، لبعدها عن الحرام، وأن يؤخذ من عظم إنسان آخر (ألوجرافت)، أو أن يؤخذ من عظم الإنسان نفسه (أوتوجرافت).

ونقل العظم من إنسان لآخر، أو من موضع من الجسد لموضع آخر، جائز.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن الانتفاع بالأعضاء:

"الصورة الأولى : وهي نقل العضو من حي ، تشمل الحالات التالية :
نقل العضو من مكان من الجسد إلى مكان آخر من الجسد نفسه ، كنقل الجلد والغضاريف والعظام والأوردة والدم ونحوها .
نقل العضو من جسم إنسان حي إلى جسم إنسان آخر ، وينقسم العضو في هذه الحالة إلى ما تتوقف عليه الحياة وما لا تتوقف عليه :
أما ما تتوقف عليه الحياة ، فقد يكون فردياً ، وقد يكون غير فردي ، فالأول كالقلب والكبد ، والثاني كالكلية والرئتين .
وأما ما لا تتوقف عليه الحياة ، فمنه ما يقوم بوظيفة أساسية في الجسم ومنه مالا يقوم بها .
ومنه ما يتجدد تلقائياً كالدم ، ومنه ما لا يتجدد ، ومنه ما له تأثير على الأنساب والموروثات ، والشخصية العامة ، كالخصية والمبيض وخلايا الجهاز العصبي ، ومنه ما لا تأثير له على شيء من ذلك…

من حيث الأحكام الشرعية :
أولاً:
يجوز نقل العضو من مكان من جسم الإنسان إلى مكان آخر من جسمه ، مع مراعاة التأكد من أنَّ النفع المتوقع من هذه العملية أرجح من الضرر المترتب عليها ، وبشرط أن يكون ذلك لإيجاد عضو مفقود ، أو لإعادة شكله أو وظيفته المعهودة له ، أو لإصلاح عيب ، أو إزالة دمامة تسبب للشخص أذى نفسياً أو عضوياً .
ثانياً:
يجوز نقل العضو من جسم إنسان إلى جسم إنسان آخر، إن كان هذا العضو يتجدد تلقائياً ، كالدم والجلد ، ويراعى في ذلك اشتراط كون الباذل كامل الأهلية ، وتحقق الشروط الشرعية المعتبرة .
ثالثاً:
تجوز الاستفادة من جزء من العضو الذي استؤصل من الجسم لعلة مرضية، لشخص آخر ، كأخذ قرنية العين لإنسان ما، عند استئصال العين لعلة مرضية .
رابعاً:
يحرم نقل عضو تتوقف عليه الحياة كالقلب، من إنسان حي إلى إنسان آخر .
خامساً:
يحرم نقل عضو من إنسان حي يعطل زواله وظيفة أساسية في حياته، وإن لم تتوقف سلامة أصل الحياة عليها : كنقل قرنية العين كلتيهما ، أما إن كان النقل يعطل جزءاً من وظيفة أساسية، فهو محل بحث ونظر كما يأتي في الفقرة الثامنة .
سادساً:
يجوز نقل عضو من ميت إلى حي تتوقف حياته على ذلك العضو ، أو تتوقف سلامة وظيفة أساسية فيه على ذلك ، بشرط أن يأذن الميت قبل موته، أو ورثته بعد موته ، أو بشرط موافقة ولي أمر المسلمين إن كان المتوفى مجهول الهوية أو لا ورثة له .
سابعاً:
وينبغي ملاحظة: أنَّ الاتفاق على جواز نقل العضو في الحالات التي تم بيانها ، مشروط بأن لا يتم ذلك بواسطة بيع العضو؛ إذ لا يجوز إخضاع أعضاء الإنسان للبيع بحال ما .
أما بذل المال من المستفيد، ابتغاء الحصول على العضو المطلوب عند الضرورة، أو مكافأة وتكريماً، فمحل اجتهاد ونظر .
ثامناً:
كل ما عدا الحالات والصور المذكورة ، مما يدخل في أصل الموضوع ، فهو محل بحث ونظر ، ويجب طرحه للدراسة والبحث في دورة قادمة ، على ضوء المعطيات الطبية والأحكام الشرعية .
والله أعلم " انتهى من "مجلة المجمع" (ع 4، ج1 ص 89).

والحاصل: أنه يُلجأ للبدائل المباحة، وفيها كفاية وغنية، فلا يستعمل في صنع الفك ما هو نجس.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android