اشتريت حاسوبا جديدا من محل بيع معروف، وعليه ضمان، بعد استخدامه لمدة أسبوع بدأ أداء الجهاز يقل، وعندما فحصت من موقع الشركة المصنعة على الرقم التسلسلي تبين أن ضمان الجهاز منتهية من عدة أشهر، فذهبت إلى المحل، وطالبته باستعادة أموالي، وحدثت مناوشة صغيرة بيني وبينه أمام زبائن عنده بالمحل، وعندما عرف الزبائن بما حصل معي تركوا الشراء منه.
السؤال: هل علي إثم في مساءلة التاجر أمام زبائنه، وأنني كنت السبب في قطع رزقه؟ وهل ظلمته في إعادة الجهاز؟
هل يجوز التشهير بمن يغش في البيع والشراء؟
السؤال: 542474
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
إذا كان سبب المناوشة بينكما رفض صاحب المحل استرجاع الجهاز الذي ادعى وجود ضمان عليه، وتبين عدمه، فليس عليك حرج فيما فعلت.
وذلك أنه إن كان لا يعلم، فيلزمه إرجاعه لعدم وجود الشرط المتفق عليه، وهو وصف معتبر مقصود للمشتري في شرائه. فإن رفض رد السلعة مع فوات الشرط المتفق عليه: فهذا من الظلم، وإن كان يعلم فهذا من الغش.
وفي كلا الحالتين يجوز التشهير بمن كان هذا حاله وبيانه للناس؛ لأنّ ما فعله من الظلم الذي يحل عرضه.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ) رواه البخاري (2166)، ومسلم (1564).
وروى البخاري معلقاً في بَاب: لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالٌ.
وَيُذْكَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عُقُوبَتَهُ وَعِرْضَهُ). قَالَ سُفْيَانُ: عِرْضُهُ يَقُولُ: مَطَلْتَنِي، وعقوبته الحبس.
ووصله أبو داود عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ، وَعُقُوبَتَهُ) قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: "يُحِلُّ عِرْضُهُ يُغَلَّظُ لَهُ، وَعُقُوبَتَهُ يُحْبَسُ لَهُ" رواه أبو داود (3628) وحسنه الألباني. واللي: المطل والتسويف.
فإذا كان المطل والتأخير يحل عرضه، فالغش والخديعة من باب أولى.
فالظالم المعتدي على حقوق الناس يجوز التحذير من خطره والتشهير به إن لم يرجع عن فعلته.
قال ابن عبد البر رحمه الله:
"هذا عندي نحو معنى قول الله عز وجل: {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم} [النساء: 148]. وهذه الآية نزلت في رجل تضيَّف قوما، فلم يُضّيِّفوه، فأبيح له أن يقول فيهم: إنهم لئام، لا خير فيهم، ولولا منعهم له من حق الضيافة، ما جاز له أن يقول فيهم ما فيهم" انتهى من "التمهيد" (11/ 537).
قال الشيخ ابن منيع حفظه الله:
"ومن حِل عرضه: التشهير به في المجامع التجارية وغيرها، بسوء معاملته، والتحذير من الدخول معه في تعامل أو تداول، لتحذير الناس ظلمه وعدوانه، وليكون نفور الناس عنه سببًا في إلحاق الضرر بتجارته؛ فيكون ذلك عقوبة له لاستحلاله مال أخيه بدون حق على سبيل الظلم والعدوان" انتهى من "مجلة مجمع الفقه الإسلامي" (5/ 1416 بترقيم الشاملة).
ومما سبق:
يتبين أنه ليس عليك إثم في انصراف الزبائن عنه بسبب ما حصل بينكما، وذلك لأنّه لم يكن قصدك صرف الناس عنه، وهو من تسبب في المشكلة، ولأنّ بيان حال من أصر على الغش والخديعة جائز.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب