ما حكم قول الزمان قلاب؟
ما حكم قول الناس: (الزمن قلاب)؟
السؤال: 544516
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هذه العبارة يقصد بها قائلوها أنّ الأحوال تتغير، وهذه حقيقة الدنيا، فالأحوال تتغير على مستوى الأشخاص والجماعات والدول.
قال الله تعالى: (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) آل عمران/140.
قال الرازي رحمه الله:
“وهو أن لذات الدنيا وآلامها غير باقية، وأحوالها غير مستمرة، وإنما تحصل السعادات المستمرة في دار الآخرة، ولذلك فإنه تعالى يميت بعد الإحياء، ويسقم بعد الصحة” انتهى من “تفسير الرازي” (9/ 372).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
“أحوال الزمان تتنقل {وتلك الأيام نداولها بين الناس}، فيوم يكون فيه السرور والانشراح وانبساط النفس، ويوم آخر يكون بالعكس، حتى إن الإنسان ليشعر بهذا من غير أن يكون هناك سبب معلوم، وفي هذا يقول الشاعر:
فيوم علينا ويوم لنا ***ويوم نساء ويوم نسر
وهذا شيء يعرفه كل واحد بنفسه، تصبح اليوم فرحاً مسروراً، وفي اليوم الثاني بالعكس، بدون سبب. لكن هكذا لابد أن الإنسان يركب طبقاً عن طبق، وتتغير حال الزمان من أمن إلى خوف، ومن حرب إلى سلم، ومن قحط إلى مطر، ومن جدب إلى خصب إلى غير ذلك من تقلبات الأحوال” انتهى من “تفسير العثيمين: جزء عم” (ص117).
فعلى مستوى الأفراد يتغيرون من صحة إلى مرض، ومن غنى إلى فقر، ومن قوة إلى ضعف، أو عكس ذلك.
وعلى مستوى الجماعات والدول كذلك، فكم من بلد كان آمنا، فصار خوفاً والعكس.
وهذ العبارة (الزمان قلاب) هي مثل قولهم “دوام الحال من المحال”.
وعن عبد الله بن عمر قال: كان من دعاء رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اللَّهُمَّ! إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك) البخاري (2739).
وقد جاء في الحديث أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل وهو يعظه: (اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك) روا البيهقي في “الكبرى” (11832).
وقال الحسن بن علي الخلال: قال بعض الحكماء: مجالسة أهل الديانة تجلو عن القلوب صدأ الذنوب، ومجالسة ذوي المروءة تدل على مكارم الأخلاق، ومجالسة العلماء تنتج ذكاء القلوب، ومن عرف تقلب الزمان؛ لم يركن إليه” انتهى من “المجالسة وجواهر العلم للدينوري” (5/ 153).
وعليه فلا إشكال بقول هذه العبارة (الزمان قلاب)؛ إذا كان مراد صاحبها هو هذا الحد الذي ذكرناه، وأن الأيام دول، وأحوال الناس فيها تتغير؛ والزمان في ذلك كله: ظرف لما تكون عليه حال الناس، وما يحصل فيه من الحوادث، والتقلبات. والزمان بنفسه: لا يأتي بخير ولا شر، ولا نفع ولا ضر؛ إنما كل ذلك بيد العليم الخبير، مدبر الأمر.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (9571)، ورقم: (131066)، ورقم: (97739).
والله اعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة