يضع قطنا في إحليله بسب طول وقت انقطاع البول بعد قضاء حاجته، فهل تصح صلاته به؟
فكثيرا ما يدخل الخلاء قبل الصلاة بوقت لا يكفي للتأكد من انقطاع بوله بعد قضاء حاجته، فيشق عليه انتظار انقطاع البول، فيضع القطن أو جزءا من منديل ورقي، ويتوضأ ويصلي مع وجوده، علما إنه يدخله إلى داخل الإحليل حتى يغيبه داخل الإحليل، فلا يرى ولا يخرج منه شيء إلى ملابسه، وكذلك إن لم يفعل، يجد أحيانا مذيا على ملابسه، فوضع القطن يمنع ذلك كله بفضل الله تعالى، وهو على هذا الحال منذ سنين، ولم يتضرر بفضل الله تعالى، فما حكم صلاته مع وجود القطن في إحليله؟
من وضع في إحليله قطنا أو غيره، لم ينتقض وضوؤه بذلك، فإن خرج كله أو بعضه انتقض.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (1/125): "ولو احتشى قطنا في ذكره، ثم خرج وعليه بلل: نقض الوضوء؛ لأنه لو خرج منفردا [أي: البلل] لنقض، فكذلك إذا خرج مع غيره.
فإن خرج ناشفا: ففيه وجهان" انتهى.
وقال في "كشاف القناع" (1/123): "(فلو احتمل) المتوضئ (في قبل أو دبر، قطنا أو مِيلا، ثم خرج، ولو بلا بلل): نقض. صححه في مجمع البحرين ونصره، قال في تصحيح الفروع: وهو الصواب.
وخروجه بلا بِلة نادر جدا، فعُلق الحكم على المظنة.
وقيل: لا ينقض إن خرج بلا بلل. قال في تصحيح الفروع والإنصاف، وهو ظاهر نقل عبد الله عن الإمام أحمد، ذكره القاضي في المجرد، وصححه ابن حمدان وقدمه ابن رزين في شرحه، زاد في الإنصاف: وابن عبيدان انتهى.
قال في شرح المنتهى: وهو المذهب" انتهى.
وينظر: "معونة أولي النهى" (1/306).
وقال النووي رحمه الله في "المجموع" (2/11): "واتفق الأصحاب على أنه إذا أدخل رجل أو امرأة
في قبلهما أو دبرهما شيئا، من عود أو مسبار أو خيط أو فتيلة أو أصبع أو غير ذلك، ثم خرج: انتقض الوضوء، سواء اختلط به غيره أم لا، وسواء انفصل كله أو قطعة منه؛ لأنه خارج من السبيل.
وأما مجرد الإدخال: فلا ينقض، بلا خلاف.
فلو غيب بعض المسبار، فله أن يمس المصحف، ما لم يخرجه.
ولو صلى لم تصح صلاته، لا بسبب الوضوء، بل لأن الطرف الداخل تنجس، والظاهر له حكم ثوب المصلي، فيكون حاملا لمتصل بالنجاسة.
فلو غيب الجميع صحت صلاته " انتهى.
وعليه؛ فإذا وضع قطنا، ولم يرشح منه بول إلى الظاهر، ولم يبق طرف ظاهر من القطن: فصلاته به صحيحة.
والله أعلم.