عزمت على التقاعد المبكر أنتقل إلى المدينة التي يقيم بها أهلي وأهل زوجتي ، حيث والدة زوجتي مريضة جدا وتحتاج إلى ابنتها بجوارها .
وفعلاً استأجرت شقة في تلك المدينة ونقلت عفشي إليها .
وتقدمت بخطاب التقاعد إلى العمل ، لكن المدير نصحني أن أتريث قليلاً لأنه سيفتح فرع للعمل في المدينة التي سأنتقل إليها ، أو هناك تفكير في صرف مكافأة لمن يريد التقاعد .
وظللت هذه الفترة (شهرين) لا أحضر إلى العمل إلا قليلاً ، وأوقع عن جميع الأيام التي تغيبت فيها عن العمل .
والسؤال : هل وضعي وغيابي عن العمل سليم أم لا ؟ فإذا لم يكن سليما ، فما الحكم في الأيام الماضية التي وقعتها دون حضور ، هل أعطي راتب الشهرين للإدارة كي يصرفوها على القسم كأن يشتروا مستلزمات مكتبية وأجهزة كمبيوتر يكون القسم في حاجة إليها ، أم أتصدق بالرواتب ؟ أم ما هو الحكم وهل أستمر في الحضور يومين في الأسبوع وأوقع عن الأيام الباقية ؟.
يشق عليه الذهاب للعمل ويوقع بالحضور في أيام الغياب
السؤال: 60134
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
نسأل الله تعالى أن يجزيك خيرا على رغبتك في الإحسان إلى والدة زوجتك ، والحرص على قربك من أهلك ، وما تحملته في سبيل ذلك من السفر والانتقال وترك العمل .
ثانيا :
ما أقدمت عليه من التوقيع بالحضور على أيام تغيبت فيها عن العمل ، أمر محرم لا شك فيه ؛ لما فيه من الكذب وأكل أموال الناس بالباطل ، وقد قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ) النساء/29 .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا . وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا ) رواه البخاري (5629) ومسلم (4719) .
ثالثا :
ما أخذته من الراتب في مقابل هذه الأيام ، يجب رده لإدارة العمل ، ولا يجوز لك الانتفاع به ، لأنه مال حرام ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به ) رواه الطبراني عن أبي بكر ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4519) .
ورواه الترمذي (614) من حديث كعب بن عجرة بلفظ : ( إنه لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به ) . وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وليس لك أن تتصدق بهذا المال ؛ لأن الصدقة إنما تكون فيما جهل صاحبه أو تعذر الوصول إليه .
رابعا :
لا يجوز لك الاستمرار في الغياب مع التوقيع بالحضور ، وعليك أن تبحث عن مخرج لا يلحقك فيه إثم ، أو ترضى بالتقاعد المبكر الآن من غير حصول على ما ذكرت من المبلغ التشجيعي ، واعلم أن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته ، وأن المال الحرام ممحوق البركة ، وهو وبال على صاحبه في الدنيا والآخرة .
وهذه نصيحة قدمها الشيخ ابن باز رحمه الله لمن يتهاون في حضوره لعمله ، ولا يصْدُق في تسجيل أوقات حضوره : قال رحمه الله : ” الواجب على كل مسلم أداء الأمانة والحذر من الخيانة في العمل ، وفي الحضور والغياب وفي كل شيء ، والواجب عليه أن يسجل الوقت الذي دخل فيه ، والوقت الذي خرج فيه ، حتى يبرئ ذمته ، والواجب على المسئول عنهم أن ينصحهم ويوجههم إلى الخير ، ويحذرهم من الخيانة ، والله ولي التوفيق ” انتهى من “مجموع فتاوى الشيخ ابن باز” (19/356).
نسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب