الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لقد لقي سؤالك عندنا تقديرا بالغا، وجهدك في البحث والدّراسة أمر ينبغي أن تُشْكر عليه خصوصا وأنّك توصّلت إلى نتائج عظيمة وصحيحة، ونحن إذ نعتقد اعتقادا جازما بوجوب الدّخول في الإسلام وأنّه الدّين الذي لا يقبل الله غيره بعد أن أنزله خاتما للأديان والشّرائع فإننا نشعر ببعض ما تشْعر به من الصّعوبة في ترْك الإلف والعادة، ولكن العاقل يعلم بأنّ عليه أنْ يتّبع الحقّ حتى ولو تبيّن له بعد سنين طويلة، وحتى لو نشأ على خلافه وتربى على غيره ولذلك ذمّ الله تعالى الذين رفضوا اتّباع الحقّ تقليدا لآبائهم، قال تعالى:
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءابَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ ءابَاؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ (104) سورة المائدة
وقال: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءابَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21) سورة لقمان.
وقال تعالى: وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا ءابَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى ءاثَارِهِمْ مُقْتَدُونَقَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ ءابَاءَكُمْ.. سورة الزخرف.
والمسألة لن تكون عليك عسيرة وصعبة – إن شاء الله – فإنّك في الحقيقة إذا آمنت بالإسلام فأنت تؤمن بسائر الأنبياء من قبل وتؤمن بالكتب الإلهية: قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا ءامِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيدًا (136).
فلست إذا أسلمت ستنقطع عن جذور صحيحة، بل كلّ مسلم يؤمن بالمسيح عيسى عليه السلام نبيا ورسولا ويؤمن بالإنجيل الصحيح قبل التحريف كتابا منزّلا من الله عزّ وجلّ، ولعلّ مما يشجّعك أن تعلم أنّ كلّ من كان يؤمن بعيسى ثمّ يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم فله الأجر مرتين ولذلك لما كتب النبي صلى الله عليه وسلم كتابا إلى هرقل ملك الروم النصارى يدعوه إلى الإسلام قال له فيه: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ سَلامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلَامِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَعَلَيْكَ إِثْمُ الأَرِيسِيِّينَ وَ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ رواه البخاري 2723، وقال نبي الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام: ثَلاثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَأَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ وَصَدَّقَهُ فَلَهُ أَجْرَانِ.. الحديث رواه مسلم 219
وبناء عليه فإنّ الجواب على سؤالك هو: نعم من المهم جدا بل من الضروري أن تخطو تلك الخطوة التي ستغيّر مسار حياتك إلى حياة السعادة والأنس بالله وتوحيده واللذة بعبادته وذكره وتحصيل الأجر بالطّاعات وادّخار الحسنات ليوم يحتاج فيه الإنسان إلى كلّ حسنة: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (30) سورة آل عمران
وأمّا بالنسبة للاسم فإذا لم يكن فيه شيء من الشّرك أو الكفر فيجوز لك البقاء عليه وأمّا اسم إسماعيل فهو اسم مناسب جدا كيف لا وهو نبي الله الكريم الذي قال عزّ وجلّ فيه: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (54-55) سورة مريم.
نسأل الله لنا ولك التوفيق لما يحبّ ويرضى والهداية إلى صراط الله المستقيم والله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين.
ولمزيد الفائدة، ينظر الجواب رقم (6703) ورقم (1402) ورقم (373188) وقم (20239) ورقم (262632) ورقم (104533).
والله أعلم.