هل يجوز عمل مصلى تكون فيه النساء أمام الإمام؟
السؤال: 65685
ما حكم عمل مكان مخصص لصلاة النساء ( التراويح ) أمام المسجد ( أي : سيكون المصلى مقدماً على الإمام يفصل بينهم جدار المسجد ) وليس هناك مكان آخر لصلاة النساء ؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
الأفضل للمرأة أن تصلي في بيتها ، فعن أُمِّ حُمَيْدٍ امْرَأَةِ
أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّهَا جَاءَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أُحِبُّ الصَّلاةَ مَعَكَ .
قَالَ : قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ تُحِبِّينَ الصَّلاةَ مَعِي ، وَصَلاتُكِ فِي
بَيْتِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلاتِكِ فِي حُجْرَتِكِ ، وَصَلاتُكِ فِي حُجْرَتِكِ
خَيْرٌ مِنْ صَلاتِكِ فِي دَارِكِ ، وَصَلاتُكِ فِي دَارِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ
صَلاتِكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ ، وَصَلاتُكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ خَيْرٌ لَكِ
مِنْ صَلاتِكِ فِي مَسْجِدِي . قَالَ : فَأَمَرَتْ فَبُنِيَ لَهَا مَسْجِدٌ فِي
أَقْصَى شَيْءٍ مِنْ بَيْتِهَا وَأَظْلَمِهِ ، فَكَانَتْ تُصَلِّي فِيهِ حَتَّى
لَقِيَتْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ .
رواه أحمد (26550) وصححه ابن خزيمة (1689) ، وحسَّنه الشيخ الألباني في “صحيح
الترغيب” (340) .
قال عبد العظيم آبادي رحمه الله :
ووجه كون صلاتهن في البيوت أفضل للأمن من الفتنة ، ويتأكد ذلك
بعد وجود ما أحدث النساء من التبرج والزينة .
“عون المعبود” (2/193) .
ومع ذلك : فإذا أرادت المرأة أن تذهب إلى المسجد للصلاة فلا يجوز
لأحد منعها إذا التزمت بالشروط الشرعية لخروجها ، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
( لا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ الْمَسَاجِدَ إِذَا اسْتَأْذَنَّكُمْ إِلَيْهَا)
رواه البخاري (865) ومسلم (442) .
وانظر السؤال (9232) .
ثانياً :
الأصل في صلاة الجماعة أن يكون المأموم خلف إمامه ، وقد اختلف
العلماء في حكم من صلَّى أَمام إمامه على أقوال ، أصحها : الجواز للعذر .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
هل تجزئ الصلاة قدام الإمام أو خلفه في المسجد وبينهما حائل أم
لا ؟
فأجاب :
” أما صلاة المأموم قدَّام الإمام : ففيها ثلاثة أقوال للعلماء :
أحدها : أنها تصح مطلقا , وإن قيل : إنها تكره , وهذا القول هو
المشهور من مذهب مالك , والقول القديم للشافعي .
والثاني : أنها لا تصح مطلقا , كمذهب أبي حنيفة , والشافعي ,
وأحمد في المشهور من مذهبهما .
والثالث : أنها تصح مع العذر دون غيره ، مثل ما إذا كان زحمة فلم
يمكنه أن يصلي الجمعة أو الجنازة إلا قدام الإمام , فتكون صلاته قدام الإمام خيراً
له من تركه للصلاة .
وهذا قول طائفة من العلماء , وهو قولٌ في مذهب أحمد وغيره ، وهو
أعدل الأقوال وأرجحها ؛ وذلك لأن ترك التقدم على الإمام غايته أن يكون واجبا من
واجبات الصلاة في الجماعة , والواجبات كلها تسقط بالعذر ، وإن كانت واجبة في أصل
الصلاة , فالواجب في الجماعة أولى بالسقوط ; ولهذا يسقط عن المصلي ما يعجز عنه من
القيام , والقراءة , واللباس , والطهارة , وغير ذلك .
وأما الجماعة فإنه يجلس في الأوتار لمتابعة الإمام ( يعني يجلس
بعد الركعة الأولى والثالثة ، وهذا فيمن دخل الصلاة متأخراً ركعة ) , ولو فعل ذلك
منفردا عمدا بطلت صلاته , وإن أدركه ساجدا أو قاعدا كبر وسجد معه , وقعد معه ; لأجل
المتابعة ، مع أنه لا يعتد له بذلك , ويسجد لسهو الإمام , وإن كان هو لم يسه .
وأيضاً : ففي صلاة الخوف لا يستقبل القبلة , ويعمل العمل الكثير
ويفارق الإمام قبل السلام , ويقضي الركعة الأولى قبل سلام الإمام , وغير ذلك مما
يفعله لأجل الجماعة , ولو فعله لغير عذر بطلت صلاته … .
والمقصود هنا : أن الجماعة تفعل بحسب الإمكان , فإذا كان المأموم
لا يمكنه الائتمام بإمامه إلا قدامه كان غاية [ ما ] في هذا أنه قد ترك الموقف لأجل
الجماعة , وهذا أخف من غيره , ومثل هذا أنه منهي عن الصلاة خلف الصف وحده , فلو لم
يجد من يصافه ولم يجذب أحدا يصلي معه صلى وحده خلف الصف , ولم يَدَعْ الجماعة , كما
أن المرأة إذا لم تجد امرأة تصافها فإنها تقف وحدها خلف الصف , باتفاق الأئمة ، وهو
إنما أُمِرَ بالمصافة مع الإمكان لا عند العجز عن المصافة .
” الفتاوى الكبرى ” ( 2 / 331 – 333 ) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يجوز تقدم المأموم على
الإمام ؟
فأجاب :
” الصحيح أن تقدم الإمام واجب ، وأنه لا يجوز أن يتقدم المأموم
على إمامه ، لأن معنى كلمة ” إمام ” أن يكون إماماً ، يعني يكون قدوة ، ويكون مكانه
قدام المأمومين ، فلا يجوز أن يصلي المأموم قدام إمامه ، وقد كان النبي صلى الله
عليه وسلم يصلي قدام الصحابة رضي الله عنهم ، وعلى هذا فالذين يصلون قدام الإمام
ليس لهم صلاة ، ويجب عليهم أن يعيدوا صلاتهم إلا أن بعض أهل العلم استثنى من ذلك ما
دعت الضرورة إليه مثل أن يكون المسجد ضيقاً ، وما حواليه لا يسع الناس فيصلي الناس
عن اليمين واليسار والأمام والخلف لأجل الضرورة ” انتهى .
“مجموع فتاوى ابن عثيمين” (13/44) .
وعلى هذا ؛ فإنكم تجتهدون في جعل مكان النساء خلف الإمام ، فإن
لم يوجد مكان ، ولم يمكن إلا قدام الإمام ، فلا حرج فيه إن شاء الله تعالى .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة