هل تعطي الفدية لأولادها وأبنائهم أو غيرهم كوجبة إفطار؟
السؤال: 66138
والدتي لا تستطيع الصيام في رمضان ، ولهذا أخرج عنها فدية الصيام عن كل شهر رمضان ، هل يجوز أن تكون الفدية على أولادها وأبنائهم كوجبة إفطار ؟
أو هل يجوز أن تكون الفدية لإفطار طلاب أحد الصفوف ؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
من لا يستطيع الصوم لكبر أو مرض لا يرجى شفاؤه ، فإنه يفطر ويطعم
عن كل يوم مسكيناً ؛ لقوله تعالى : ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ
طَعَامُ مِسْكِينٍ ) البقرة/184 . قال عبد الله بن عباس رضي
الله عنهما : ( لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ ، هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ
الْكَبِيرَةُ لا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ
مِسْكِينًا ) رواه البخاري (4505) .
والمريض مرضاً لا يُرجى حصول الشفاء منه كالشيخ الكبير الذي لا
يستطيع الصيام . “المغني” (4/396) .
وبهذا يُعلم أن هذه الفدية إنما تعطى للمساكين ، لا لكل أحد .
فإذا كان الأولاد وأولادهم والطلاب المذكورون في السؤال أغنياءَ
، وليسوا فقراء فلا يجوز إعطاء الكفارة إليهم .
ثانياً :
وأما إعطاء الكفارة للأولاد وأبنائهم ، فقد اعتبر أهل العلم
رحمهم الله أن الكفارة في ذلك كالزكاة ، لا يجوز أن يدفعها الإنسان إلى مَنْ تلزمه
النفقة عليه .
وممن يجب النفقة عليهم : الأصول والفروع .
والأصول هم : الأب والأم والأجداد والجدات .
والفروع هم : الأبناء والبنات وأولادهم .
قال ابن قدامة في “المغني” (11/374) :
” ويجب الإنفاق على الأجداد والجدات وإن عَلَوا (يعني الأجداد
وآباءهم) , وولدِ الولد وإن سَفَلُوا (يعني الأولاد وأولادهم) , وبذلك قال الشافعي
والثوري , وأصحاب الرأي ” انتهى .
وعلى هذا لا يجوز أن تعطي الكفارة المذكورة للأولاد وأولادهم لأنه
يجب على ( أمك ) أن تنفق عليهم .
وقال الشافعي في “الأم” (7/68) :
” لا يجزئ أن يطعم في كفارات الأيمان إلا حرا مسلما محتاجا ، فإن
أطعم منها ذميا محتاجا , أو حرا مسلما غير محتاج لم يجزه ذلك , وكان حكمه حكم من لم
يفعل شيئا ، وعليه أن يعيد ، وهكذا لو أطعم من تلزمه نفقته , ثم علم أعاد ”
انتهى باختصار .
وقال في أسنى المطالب (3/369) :
” ويعتبر في المسكين والفقير أن يكونا من أهل الزكاة ، فلا يجزئ
الدفع إلى كافر . . . ولا إلى من تلزمه نفقته . . . لأن الكفارة حق لله تعالى ،
فاعتبروا فيها صفات الزكاة ” انتهى .
ولكن .. إذا كانت (أمك) لا تستطيع النفقة عليهم ، لقلة مالها ،
فلا يجب عليها أن تنفق عليهم ، لقول الله تعالى : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً
إِلا وُسْعَهَا ) البقرة/286 .
وفي هذه الحال يجوز أن تخرج الكفارة إليهم .
وقد ثبت في الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي جامع
امرأته في نهار رمضان لما أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم تمراً ليخرجه كفارة ، ثم
أخبر الرجلُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أنه أفقر أهل بيت في المدينة ، قال النبي
صلى الله عليه وسلم له : ( أَطْعِمْهُ أَهْلَك ) .
قال الحافظ في “الفتح” :
” قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : تَبَايَنَتْ فِي هَذِهِ
الْقِصَّة الْمَذَاهِب ، فَقِيلَ : إِنَّهُ دَلَّ عَلَى سُقُوط الْكَفَّارَة
بِالإِعْسَارِ ، لأَنَّ الْكَفَّارَة لا تُصْرَفُ إِلَى النَّفْس وَلا إِلَى
الْعِيَال .
وَقَالَ الْجُمْهُور : لا تَسْقُط الْكَفَّارَة بِالإِعْسَارِ ,
وَاَلَّذِي أَذِنَ لَهُ فِي التَّصَرُّف فِيهِ لَيْسَ عَلَى سَبِيل الْكَفَّارَة
(بل هو صدقة تصدق بها النبي صلى الله عليه وسلم على الرجل وأهله ) .
وَقِيلَ : لَمَّا كَانَ عَاجِزًا عَنْ نَفَقَة أَهْلِهِ جَازَ
لَهُ أَنْ يَصْرِفَ الْكَفَّارَةَ لَهُمْ , وَهَذَا هُوَ ظَاهِر الْحَدِيث .
قَالَ الشَّيْخ تَقِيُّ الدِّين (وهو شيخ الإسلام ابن تيمية) :
وَأَقْوَى مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُجْعَلَ الإِعْطَاءُ لا عَلَى جِهَةِ الْكَفَّارَةِ ،
بَلْ عَلَى جِهَة التَّصَدُّقِ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْله بِتِلْك الصَّدَقَة لِمَا
ظَهَرَ مِنْ حَاجَتهمْ ” انتهى باختصار .
فتَحَصَّلَ من ذلك أنه لا يجوز أن يُعطِي الكفارة لمن تلزمه
النفقة عليه ، وأنه إذا كان فقيرا لا يستطيع أن ينفق عليهم فقد ذهب بعض أهل العلم
إلى جواز إعطائهم الكفارة .
وقد سبق في جواب السؤال (20278)
نقل فتوى للشيخ ابن عثيمين رحمه الله أنه يجوز إخراج الزكاة إلى أقاربه الذين لا
يستطيع أن ينفق عليهم بسبب فقره وقلة ماله .
ومما جاء فيها : ” إن دفع الزكاة إلى الأقارب الذين هم من أهلها
أفضل من دفعها إلى من هم ليسوا من قرابتك ، لأن الصدقة على القريب صدقة وصلة . .
إلا إذا كان هؤلاء الأقارب ممن تلزمك نفقتهم وأعطيتهم من الزكاة
ما تحمي به مالك من الإنفاق فإن هذا لا يجوز .
أما إذا كان مالك لا يتسع للإنفاق عليهم فلا حرج عليك أن تعطيهم
من زكاتك ” انتهى .
والخلاصة : أنه إذا كانت (أمك) غنية تستطيع أن تنفق عليهم فلا
يجوز أن تعطيهم الكفارة ، وإذا كانت لا تستطيع أن تنفق عليهم جاز أن تعطيهم الكفارة
.
ثالثاً :
وإما إعطاؤها كإفطار صائم ، فلا بأس به ، لإطلاق الآية الكريمة :
( فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) ، ويُرجى أن يكون ذلك أكثر ثواباً لما فيه من تفطير
الصائم . ولكن بشرط أن يكون ذلك الصائم مسكيناً كما سبق .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعتم بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة