أرسل حديثا لينشر الخير ثم تبين له أنه حديث موضوع فماذا يعمل؟
السؤال: 66273
أتاني على بريدي رسالة فيها حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي نهاية الرسالة كالعادة يطلب الأخ المرسل بإرسال الرسالة إلى كل من تعرف لتعم الفائدة ، فقمت بإرسالها إلى أشخاص كثيرين ، ثم اتضح لي أن الحديث موضوع . أخبرني بعض أهل الخير أن أقوم بإرسال رسالة إلى كل من قد أرسلت له هذه الرسالة أخبرهم فيها أن الحديث موضوع . المشكلة أني لا أعرف من هم الأشخاص الذين أرسلت إليهم هذه الرسالة . هل عليّ أي ذنب أو أن علي الاستغفار ؟ علما بأن الحديث ليس فيه تشريع ، فهو عبارة عن قصة حدثت والرسول صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة وكان هناك أعرابي يطوف . . إلخ .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
نشر الرسائل الدعوية المشتملة على بيان الأحكام الشرعية ، أو
المواعظ والقصص النافعة ، باب عظيم من أبواب الخير ، لكثرة المتلقين لها ، مع سهولة
إرسالها . لكن ينبغي التأكد من مضمون الرسالة ، وصحة ما فيها من الأحاديث ؛ لأن بعض
الناس أساء التصرف في هذه النعمة ، فصار كحاطب ليل ينقل الأحاديث الموضوعة ، والقصص
المكذوبة .
ولا يحل لأحد أن يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو
يعلم أن الحديث موضوع ، أي مكذوب ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ
كَذَبَ عَلَي مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ) رواه
البخاري (1291) ومسلم (933) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ
يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ ) رواه مسلم في مقدمة
صحيحه .
قال النووي رحمه الله في “شرح مسلم” (1/71) :
” يحرم رواية الحديث الموضوع على من عرف كونه موضوعا ، أو غلب
على ظنه وضعه . فمن روى حديثا علم أو ظن وضعه ولم يبين حال روايته ووضعه فهو داخل
في هذا الوعيد ، مندرج في جملة الكاذبين على رسول الله صلى الله عليه وسلم . ويدل
عليه أيضا الحديث السابق : ( من حدث عنى بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين ) .
ولهذا قال العلماء : ينبغي لمن أراد رواية حديث أو ذكره أن ينظر ؛ فإن كان صحيحا أو
حسنا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا ، أو فعله ، أو نحو ذلك من صيغ
الجزم . وإن كان ضعيفاً فلا يقل : قال أو فعل أو أمر أو نهى وشبه ذلك من صيغ الجزم
، بل يقول : رُوي عنه كذا ، أو جاء عنه كذا ، أو يروى أو يُذكر أو يُحكى أو يُقال
أو بلغنا وما أشبهه . والله سبحانه أعلم ” انتهى .
وقال أيضا :
” لا فرق في تحريم الكذب عليه صلى الله عليه وسلم بين ما كان في
الأحكام وما لا حكم فيه ، كالترغيب والترهيب والمواعظ وغير ذلك ، فكله حرام من أكبر
الكبائر، وأقبح القبائح بإجماع المسلمين الذين يعتد بهم في الإجماع ، خلافاً
للكرّامية الطائفة المبتدعة في زعمهم الباطل أنه يجوز وضع الحديث في الترغيب
والترهيب ، وتابعهم على هذا كثيرون من الجهلة الذين ينسبون أنفسهم إلى الزهد أو
ينسبهم جهلة مثلهم ” انتهى .
وأما ما وقعت فيه من نشر هذا الحديث الموضوع ، فكفارة ذلك أن
تستغفر الله تعالى ، وأن تجتهد في إخبار من يغلب على ظنك أنك أرسلت له هذا الحديث ،
بأن الحديث موضوع لا يجوز نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم . فإن فعلت ذلك ،
فهذا هو ما في وسعك ، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها .
وعليك أن لا تنشر شيئاً من الأحاديث بعد ذلك إلا بعد التأكد من
صحة نسبتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟