نذرت أن تتصدق بكل حليها وعليها زكاة فما العمل؟
السؤال: 67886
امرأة مرضت فنذرت إن شفاها الله أن تتصدق بكل حليها ، وبعد أن شفيت ندمت ! وهي تسأل الآن : هل لهذا النذر من كفارة ؟ وإن كان لابد من الوفاء بهذا النذر ؛ فإنه على هذا الحلي زكاة لمدة ثماني سنوات ؛ فهل تزكي على كل هذه السنوات ؟ ومن الحلي نفسه أم ماذا ؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
” النذر غير مشروع لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه ؛ لما روى
عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال
: ( إنَّهُ لا يَرُدُّ شيئا ، ولكنَّه يُسْتَخْرجُ بهِ منَ البَخيلِ ) متفق عليه ،
وهذا لفظ البخاري . فينبغي لكل مسلم ومسلمة أن يبتعد عن النذر ، وأن لا يلزم نفسه
بشيء قد يعجز ويشق عليه الوفاء به ، فيقع في الإثم والحرج ” “فتاوى اللجنة
الدائمة” (23/362) .
ومع كون النذر مكروها في الأصل إلا أن من نذَر نذْر طاعةٍ فإنه
يلزمه الوفاء ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ
اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ ) رواه
البخاري (6202) .
ثانيا :
نذْرُ الصدقة بشيء من المال هو من نذر الطاعة الذي يجب الوفاء به
.
ومن نذرت أن تتصدق بجميع حليها ، فلها حالتان :
الأولى : أن يكون هذا الحلي هو جميع مالها ، فيجزئها أن تخرج
الثلث ، وهذا مذهب أحمد رحمه الله .
ومن أهل العلم من أوجب التصدق بجميع المال ، ومنهم الشافعي رحمه
الله .
قال ابن قدامة رحمه الله :
” من نذر أن يتصدق بماله كله أجزأه ثلثه . وبهذا قال الزهري ،
ومالك … وقال أبو حنيفة : يتصدق بالمال الزكوي كله …
وقال الشافعي : يتصدق بماله كله ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم
: ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ) . ولأنه نذر طاعة ، فلزمه الوفاء به كنذر الصلاة
والصيام .
ويدل على أنه يكفيه التصدق بالثلث : قول النبي صلى الله عليه
وسلم لأبي لبابة حين قال : إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله
. فقال : ( يجزئك الثلث ) . صححه الألباني في “تخريج أحاديث مشكاة المصابيح”
(3439) .
وعن كعب بن مالك ، قال : قلت : يا رسول الله , إن من توبتي أن
أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (
أمسك عليك بعض مالك ) متفق عليه . ولأبي داود : ( يجزئ عنك الثلث ) قال
الألباني في صحيح أبي داود (3319) : إسناده صحيح ” انتهى من “المغني” (11/340)
بتصرف يسير .
أي أنه إذا كان المال المعين للنذر يستغرق جميع المال فإن حكمه
حكم من نذر الصدقة بجميع ماله ، فيكفيه الصدقة بالثلث .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في “الفتاوى الكبرى” (6/188) :
” قَدْ جَاءَتْ السُّنَّةُ فِيمَنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِجَمِيعِ
مَالِهِ أَنَّهُ يُجْزِيهِ الثُّلُثُ ، لِمَا فِي إخْرَاجِ الْجَمِيعِ مِنْ
الضَّرَرِ ” انتهى .
ومثله لابن القيم في “إعلام الموقعين” (3/165) .
والراجح ما ذهب إليه الحنابلة ، وبه أفتت اللجنة الدائمة ، حيث
سئلت عمن نذر راتبه كله في سبيل الله دائما ، فأجابت : ” يكفيك التصدق بثلث الراتب
؛ لأن الذي نذر أن يتصدق بماله كله قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( يُجْزِئُ
عَنْكَ الثُّلُثُ ) رواه أبو داود ” انتهى من “فتاوى اللجنة الدائمة”
(23/225) .
الحالة الثانية : أن يكون لها مال آخر غير الحلي ، فيلزمها
الصدقة بحليها كله كما نذرت .
قال ابن قدامة رحمه الله : ” وإذا نذر الصدقة بمعيّن من ماله أو
بمقدّر ، كألف ، فروي عن أحمد أنه يجوز ثلثه ؛ لأنه مالٌ نَذَرَ الصدقة به ، فأجزأه
ثلثه ، كجميع المال . والصحيح في المذهب لزوم الصدقة بجميعه ؛ لأنه منذور ، وهو
قربة ، فيلزمه الوفاء به ، كسائر المنذورات ، ولعموم قوله تعالى : ( يُوفُونَ
بِالنَّذْرِ ) الإنسان/7 .
وإنما خولف هذا في جميع المال للأثر فيه ، ولما في الصدقة بجميع
المال من الضرر اللاحق به ، اللهم إلا أن يكون المنذور هاهنا يستغرق جميع المال ،
فيكون كنذر ذلك ” “المغني” (11/340) .
ثالثا :
أما زكاة الحلي : فيلزمها أن تخرج الزكاة عن السنوات الثمانية ،
سواء قلنا تتصدق بجميع الحلي أو بثلثه – على التفصيل السابق – ؛ لأن الزكاة دين
واجب عليها ، ولا علاقة له بالنذر . لكن إن لزمها الصدقة بالحلي كله ، فإنها تخرج
الزكاة من مالها الآخر ، وليس لها أن تخرج من الحلي نفسه .
وإن لزمها أن تتصدق بثلث حليها ، جاز لها أن تخرج الزكاة من بقية
الحلي – إن اتسع لذلك- ومن مالها الآخر .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟