أقرضت صديقاً لي قرضاً حسناً وسلمته مبلغ القرض بالريال السعودي ، والآن وقت سداد القرض انخفض الجنيه المصري أمام الريال السعودي ، وصديقي هذا يريد رد قرضي بالجنيه المصري على أساس سعر صرف الجنيه مقابل الريال وقت استلامه القرض مما يعنى أن يعود لي أصل مالي ناقصاً عما استلمه ، وأنا رفضت ذلك ، وقلت له : يا أخي سلمتك المال بالريال السعودي بيدك ردَّ عليَّ قرضي بالريال السعودي مثلما استلمته والقروض تكون بالمثل ، ويكفى أنني حرمت نفسي من استثمار مالي مما كان سوف يعود على بفائدة من أي نشاط حلال ، وأعطيتك قرضاً حسناً لوجه الله تعالى أصلحتَ به تجارتَك وتاجرتَ وربحتَ بارك الله لك ، فرفض ذلك ، فما الحكم في الإسلام ، هل يجب عليه رد قرضي بالريال السعودي أم لا ؟ وإذا كانت الإجابة بأنه يجب عليه رد قرضي بالريال السعودي ورفض قبول الفتوى ، فما حكمه عند الله ؟ وهل يكون المقدار الذي نقص من مالي لي في ذمته أطالبه به أمام الله يوم القيامة أم لا ؟ أفتونا في ذلك مأجورين حيث إن سداد القرض متوقف على فتواكم وجزاكم الله خيراً .
إذا تغيرت قيمة العملة كيف يؤدي القرض ؟
السؤال: 68842
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الواجب على من أخذ ديْناً من آخر بعملة أن يردَّها بمثلها دون أن يردَّ قيمتها عند أخذ الدَّيْن ؛ بل ولا يجوز أن يُذكر في العقد أن السداد يكون بعملة أخرى غير العملة المستَلمة ، فلا يجوز – مثلاً – أن يقترض رجل من آخر ريالات سعودية ويحسب قيمتها عند أخذها ويردها جنيهات مصرية ، ويجوز دفع قيمة الفرق بين العملتين عن طيب نفس من غير إلزام وعلى هذا جاءت فتاوى المجامع الفقهية وكثير من علمائنا المحققين .
أ. ففي القرار رقم : 42 ( 4 / 5 ) بشأن تغير قيمة العملة ، قال " مجلس مجمع الفقه الإسلامي " المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1-6 جمادى الأولى 1409هـ الموافق10-15 كانون الأول (ديسمبر) 1988 م :
بعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع تغير قيمة العملة ، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله ، وبعد الاطلاع على قرار " المجمع "
رقم 21 ( 9 / 3 ) في الدورة الثالثة ، بأن العملات الورقية نقود اعتبارية فيها صفة الثمنية كاملة ، ولها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة من حيث أحكام الربا والزكاة والسلم وسائر أحكامها :
قرر ما يلي :
العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما : هي بالمثل وليس بالقيمة ؛ لأن الديون تُقضى بأمثالها ، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة ، أيا كان مصدرها ، بمستوى الأسعار .
مجلة " المجمع " ( عدد 5 ، ج3 ص 1609 ) .
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
أقرضني أخي في الله – حسن – ألفي دينار تونسي ، وكتبنا عقدا بذلك ذكرنا فيه قيمة المبلغ بالنقد الألماني ، وبعد مرور مدة القرض – وهي سنة ارتفع ثمن النقد الألماني ، فأصبح إذا سلمته ما هو في العقد أكون أعطيته ثلاثمائة دينار تونسي زيادة على ما اقترضته . فهل يجوز لمقرضي أن يأخذ الزيادة ، أم أنها تعتبر ربا . . ؟ ولا سيما وأنه يرغب السداد بالنقد الألماني ليتمكن من شراء سيارة من ألمانيا .
فأجاب : ليس للمقرض – حسن – سوى المبلغ الذي أقرضك وهو ألفا دينار تونسي ، إلا أن تسمح بالزيادة فلا بأس ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن خيار الناس أحسنهم قضاءً ) رواه مسلم في صحيحه ، وأخرجه البخاري بلفظ : ( إن من خيار الناس أحسنهم قضاء ) .
أما العقد المذكور : فلا عمل عليه ، ولا يلزم به شيء لكونه عقداً غير شرعي ، وقد دلت النصوص الشرعية على أنه لا يجوز بيع القرض إلا بسعر المثل وقت التقاضي إلا أن يسمح من عليه القرض بالزيادة من باب الإحسان والمكافأة للحديث الصحيح المذكور آنفاً " انتهى .
" فتاوى إسلاميَّة " ( 2 / 414 ) .
وقال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – في جواب سؤال مشابه لسؤال السائل – :
" الواجب أن يرد عليك ما أقرضتَه دولارات ؛ لأن هذا هو القرض الذي حصل منك له ، ولكن مع ذلك إذا اصطلحتما أن يسلم إليك جنيهات مصرية : فلا حرج ، قال ابن عمر رضي الله عنهما : كنا نبيع الإبل بالدراهم فنأخذ عنها الدنانير ، ونبيع الدنانير فنأخذ عنها الدراهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء ) ، فهذا بيع نقد من غير جنسه ، فهو أشبه ما يكون ببيع الذهب بالفضة ، فإذا اتفقتَ أنت وإياه على أن يُعطيك عوضاً عن هذه الدولارات من الجنيهات المصرية بشرط ألا تأخذ منه جنيهات أكثر مما يساوي وقت اتفاقية التبديل ، فإن هذا لا بأس به ، فمثلاً : إذا كانت 2000 دولار تساوي الآن 2800 جنيه : لا يجوز أن تأخذ منه ثلاثة آلاف جنيه ، ولكن يجوز أن تأخذ 2800 جنيه ، ويجوز أن تأخذ منه 2000 دولار فقط ، يعني أنك تأخذ بسعر اليوم أو بأنزل ، أي : لا تأخذ أكثر ؛ لأنك إذا أخذت أكثر فقد ربحتَ فيما لم يدخل فيما ضمانك ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن ، وأما إذا أخذتَ بأقل : فإن هذا يكون أخذاً ببعض حقك ، وإبراء عن الباقي ، وهذا لا بأس به " انتهى .
" فتاوى إسلاميَّة " ( 2 / 414 ، 415 ) .
وإذا خالف أحد الطرفين هذا الحكم فإنه يكون آخذاً للفرق بين قيمة العملتين بغير حق ، وهو من المحرمات حيث قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً ) النساء / 29 .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب