أثناء الوضوء أستنشق وأستنثر ثلاث مرات ولكني عندما أغسل وجهي يدخل بعض الماء في أنفي فأستنثره ، فهل هذا جائز أم لا ؟.
يدخل الماء إلى أنفه في الوضوء عند غسل الوجه
السؤال: 71169
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
لا حرج عليك في إخراج الماء الذي قد يدخل إلى أنفك أثناء غسل الوجه ، بعد انتهائك من المضمضة والاستنشاق ، ولا يعدّ هذا زيادة على الثلاث الواردة في السنة ، لأن دخول الماء لم يكن بقصد منك .
وقد ذكر العلماء رحمهم الله أن الأفضل في غسل الوجه أن يبدأ من أعلاه ، فلعلك إذا فعلت ذلك لم يدخل الماء في أنفك .
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (1/215) :
" قال الماوردي : صفة غسل الوجه المستحبة أن يأخذ الماء بيديه جميعا لأنه أمكن وأسبغ , ويبدأ بأعلى وجهه ثم يحدره ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا كان يفعل , ولأن أعلى الوجه أشرف لكونه موضع السجود , ولأنه أمكن فيجري الماء بطبعه ثم يمر يديه بالماء على وجهه حتى يستوعب جميع ما يؤمر بإيصال الماء إليه , فإن أوصل الماء على صفة أخرى أجزأه " انتهى .
وذكر أيضاً في "مواهب الجليل" (1/187) في صفة غسل الوجه : أنه يبدأ من أعلاه .
ثانياً :
قد دلت السنة على أن الاستنشاق والاستنثار يكون ثلاثا ، كما روى البخاري (186) ومسلم (235) – واللفظ له – عن عَبْد اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه أنه تَوَضَّأَ لَهُمْ وُضُوءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . . . ( فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفٍّ وَاحِدَةٍ ، فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلاثًا ) .
فهذا الحديث يدل على أن السنة ألا يفصل بين المضمضمة والاستنشاق ، بل يمضمض ويستنشق من كف واحدة ، ثم يمضمض ويستنشق ، ثم يمضمض ويستنشق . خلافا لما يفعله كثير من الناس من الفصل بينهما ، فيمضمض ثلاث مرات ، ثم يستنشق ثلاثاً .
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" :
" قَالَ أَصْحَابنَا : وَعَلَى أَيّ صِفَة وَصَلَ الْمَاء إِلَى الْفَم وَالأَنْف ، حَصَلَتْ الْمَضْمَضَة وَالاسْتِنْشَاق . وَفِي الأَفْضَل خَمْسَة أَوْجُهٍ : الأَوَّل : يَتَمَضْمَض وَيَسْتَنْشِق بِثَلاثِ غُرُفَات ، يَتَمَضْمَض مِنْ كُلّ وَاحِدَة ثُمَّ يَسْتَنْشِق مِنْهَا . . . وهذا الْوَجْه هوَ الصَّحِيح ، وَبِهِ جَاءَتْ الأَحَادِيث الصَّحِيحَة فِي الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَغَيْرهمَا . وَأَمَّا حَدِيث الْفَصْل فَضَعِيف ، فَيَتَعَيَّن الْمَصِير إِلَى الْجَمْع بِثَلاثِ غُرُفَات كَمَا ذَكَرْنَا ، لِحَدِيثِ عَبْد اللَّه بْن زَيْد الْمَذْكُور فِي الْكِتَاب " انتهى بتصرف .
وأما الزيادة على الثلاث فمكروهة ، والأصل في ذلك ما رواه النسائي (140) وأبو داود (135) وابن ماجه (422) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ : جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ عَنْ الْوُضُوءِ فَأَرَاهُ الْوُضُوءَ ثَلاثًا ثَلاثًا ثُمَّ قَالَ : ( هَكَذَا الْوُضُوءُ ، فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ ) والحديث صححه الألباني في صحيح النسائي .
قال النووي رحمه الله في تتمة كلامه السابق :
" وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى كَرَاهَة الزِّيَادَة عَلَى الثَّلاث ، وَالْمُرَاد بِالثَّلاثِ الْمُسْتَوْعِبَة لِلْعُضْوِ ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ تَسْتَوْعِب الْعُضْو إِلا بِغرْفَتَيْنِ فَهِيَ غَسْلَة وَاحِدَة .
وَلَوْ شَكّ هَلْ غَسَلَ ثَلاثًا أَمْ اِثْنَتَيْنِ ؟ جَعَلَ ذَلِكَ اِثْنَتَيْنِ وَأَتَى بِثَالِثَةٍ , هَذَا هُوَ الصَّوَاب الَّذِي قَالَهُ الْجَمَاهِير مِنْ أَصْحَابنَا ، وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ مِنْ أَصْحَابنَا : يَجْعَل ذَلِكَ ثَلاثًا وَلا يَزِيد عَلَيْهَا مَخَافَة مِنْ اِرْتِكَاب بِدْعَة بِالرَّابِعَةِ ، وَالأَوَّل هُوَ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِد ، وَإِنَّمَا تَكُون الرَّابِعَة بِدْعَة وَمَكْرُوهَة إِذَا تَعَمَّدَ كَوْنهَا رَابِعَة ، وَاَللَّه أَعْلَم " انتهى .
والحاصل أنه لا شيء عليك في إخراج الماء الذي يدخل إلى أنفك من غير قصد ، ولا يعد هذا زيادة في الوضوء ، لأنك لم تتعمد .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب