في خِصامٍ حادٍّ ، أخبر عن نفسِه أنَّه كفر، فما الحُكمُ ؟
السؤال: 71174
حينَما ازدادَ نقاشِي مع أحدِ أقاربي لفظت بقولِ : “أنا كفرت ” ، ولطمتُ على وجهي ، مع العِلمِ أَنِّي نادمٌ على ما حدث ، فأريدُ التوجيهَ والإرشادَ ، وما حكمُ الدينِ في ذلك ؟ وهل عليَّ كفارة ؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
إنَّا للهِ وإنَّا إليه راجعون ، ونسألُ الله العفوَ والعافيةَ
في الدنيا والآخرة ، ونسألُه حسنَ الختامِ والوفاةَ على الإيمان .
اعلم – أخي السائل – بأنَّك وقعتَ في أعظمِ ذنبٍ وأقبحِ معصيةٍ ،
وهي معصيةُ الكفرِ والردَّةِ ، والعياذ بالله تعالى .
وهذه الكلمةُ التي ذكرتَ عن نفسِك ، صريحةٌ في الكفرِ والردةِ ،
والعلماءُ يقولون :
عندَ ظهورِ لفظِ الكفرِ يُحكَمُ بالردةِ (إن كان يعلم معنى
الكلمة) ، ولا يُسأل عن نيته ، كما قالَ تعالى :
( وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ
وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ )
التوبة/65 .
فأخبرَ سبحانَه أنهم كفروا بعدَ إيمانهم ، مع قولِهم : إنا
تكلمنا من غيرِ اعتقاد ، بل كنَّا نخوض ونلعب .
قال ابنُ نُجَيم :
” إنَّ من تكلَّمَ بكلمةِ الكفرِ هازلا أو لاعبًا كفرَ عند
الكلِّ ، ولا اعتبارَ باعتقادِه ” انتهى .
“البحر الرائق” (5/134) ، وانظر : “نواقض الإيمان القولية والعملية” (ص95) .
وقال الشيخُ ابنُ عثيمين :
” وإن أتى بقولٍ يُخرجُه عن الإسلامِ ، مثلَ أن يقول : هو
يهوديٌّ أو نصرانيٌّ أو مجوسيٌّ أو بريءٌ من الإسلام ، أو من القرآنِ أو النبيِّ
عليه الصلاةُ والسلامُ فهو كافرٌ مرتدٌ ، نأخذه بقولِه هذا ” انتهى
.
“الشرح الممتع” (6/279) .
والردُّة أمرُها خطيرٌ وشأنُها عظيم ، فقد اختلفَ العلماءُ فيمن
ارتدَّ ثم تاب ، هل يبقى له من ثوابِ أعمالِه السابقةِ شيءٌ ، أم تحبط كلُّها
بالردة ؟
وقد سئلَ الشيخُ الفوزانُ السؤالَ التالي :
ما الحكمُ فيمن ارتدَّ عن الإسلامِ ثم عاد إليه ، هل يعيدُ ما
فاتُه من أعمالٍ من أركانِ الإسلامِ ، كالحجِّ والصومِ والصلاةِ ، أم تكفي توبتُه
وعودتُه إلى الإسلامِ ؟
فأجابَ :
” الصحيحُ من قولي العلماء : أن المرتدَّ إذا عادَ إلى
الإسلامِ ، ودخلَ في الإسلامِ مرةً أخرى تائبًا منيبًا للهِ تعالى ، فإنه لا يعيدُ
الأعمالَ التي أدَّاها قبلَ الردةِ ؛ لأنَّ اللهَ سبحانَه وتعالى اشترطَ لحبوطِ
الأعمالِ بالردَّةِ أن يموتَ الإنسانُ عليها .
قالَ تعالى : ( وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ
فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا
وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )
البقرة/217 .
فَشَرَطَ لحبوطِ الأعمالِ استمرارَ الإنسانِ على الردةِ حتى
يموتَ الإنسانُ عليها ، فدلت الآيةُ بمفهومِها على أنَّ الإنسانَ لو تابَ فإنَّ
أعمالَه التي أدَّاها قبلَ الردةِ تكونُ صحيحةً ومُجزيةً إن شاءَ الله تعالى ”
انتهى .
“المنتقى من فتاوى الفوزان” (5/429) .
وأما لطم الوجه فهو من أعمال الجاهلية التي حذرنا منها النبي صلى
الله عليه وسلم , وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم تبرأ من فاعله فقال : (
لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ , وَشَقَّ الْجُيُوبَ , وَدَعَا بِدَعْوَى
الْجَاهِلِيَّةِ ) رواه البخاري (1294) , وهذا يدل على أن
لطم الخدود كبيرة من كبائر الذنوب .
وحيث قد ندمت على ما فعلت فنرجو من الله تعالى أن يقبل توبتك ,
فعليك أن تنطق الشهادتين لتدخل بذلك في الإسلام بعد أن خرجت منه , ولْتحسن العمل ,
وعليك بحفظ اللسان , فإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً فيهوى
بها في النار سبعين خريفاً .
وأما الكفارة ، فليس هناك كفارة لما بدر منك إلا التوبة والندم
والعزم على عدم العودة إلى ذلك .
ونسأل الله أن يتقبل توبتك , ويرزقك الاستقامة على دينه .
والله اعلم .
راجع الأسئلة التالية : (1079)
(5733) (42505)
.
واللهُ أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعتم بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة