تحدثت مع رجال عبر الإنترنت ثم تابت من ذلك
السؤال: 72198
أرجو المساعدة فالأمر في غاية الأهمية !
أسلمت منذ 4 سنوات وتزوجت من 3 سنوات تقريباً ، وأنا لا أعيش مع زوجي لأننا تزوجنا سرّاً ، وأهله لا يعرفون عني شيئاً حتى الآن ، وأن لا تتاح لي فرصة رؤية زوجي بالعدد الذي أرغبه ، ولذلك فقد أصبحت أشعر بالوحدة ، ونتيجة لغبائي وأنانيتي وتعجلي فقد بدأت أتحدث إلى رجال من غير المحارم عبر شبكة الإنترنت !!! ( وأسأل الله أن يغفر لي ) ، لقد تحدثت مع عدد منهم ، وأخبرتهم أني لست متزوجة ، وأخبرت بعضهم أني مطلقة أو سأحصل على الطلاق في وقت قريب ، كما أني أعطيت أحدهم صورة قديمة أظهر فيها بدون حجاب ، حيث يظهر شعر رأسي ورقبتي ويداي !!!! حدث كل هذا قبل أشهر معدودة ، وقد تبت الآن من جرائمي ، كما أني بكيت خوفا من القبر ويوم الحساب ، أنا أخاف الله كثيراً ، وقد قطعت جميع العلاقات مع هؤلاء الأشخاص ، أنا لا أتحدث الآن إلى أي رجل عبر الإنترنت لأني أعلم أن الشيطان يغري الإنسان ، أنا أشعر بالخجل فعلا عما فعلت ، وأشعر بالكثير من الذنب لذلك ، أنا أحب زوجي وهو يحاول أن يخبر أهله بخصوصي إن شاء الله ، أنا لا أريد أن أخسره ، هل يجب عليَّ إخباره بما فعلت ؟ وماذا عن الصورة ؟ أنا أكره ما فعلت لكن ماذا لو أن الشاب لا يزال يحتفظ بها ؟ هل سأذهب للنار ؟ وفيما يتعلق بإخباري للناس أني كنت مطلقة ، أو أني سأطلق ، هل يؤثر ذلك على صحة زواجي ؟ أعلم أني أفسدت وحطمت حياتي ، لكني أرجو المساعدة ، فالله يعلم وحده مقاصدي ، أنا لا أريد أن أجرح أي شخص ، أو أن أرتكب الخطأ في حق الله ، أريد أن أعمل الأفضل لجميع الأشخاص ، وأريد أن أستر على نفسي ، فهل يمكنني ذلك ؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
الذي هداكِ للإسلام ، وقد اختاركِ الله تعالى لتكوني
من أتباع هذه الرسالة العظيمة ، وهذا أعظم أسباب الخير والسعادة في الدنيا والآخرة
، فعليكِ المداومة على تذكر هذه النعمة الجليلة التي حُرمها الكثير ، والقيام بشكر
الله تعالى عليها بالقلب واللسان والجوارح .
ثانياً :
والحمد لله تعالى أن يسَّر لكِ الزواج من مسلم ، وإن كنَّا نودُّ
أن يكون زواجاً ليس فيه بعدٌ من زوجك عنكِ ، وأن يعلم أهله عنه ، وبما أن لإخفاء
زوجك هذا الأمر عن أهله وابتعاده عنك دوراً كبيراً فيما حصل معكِ فإن عليك المسارعة
في إصلاح هذا الأمر ، وذلك بالطلب منه أن يجعل زواجكم علنيّاً ، وأن يسارع في إخبار
أهله ، وأن يبقى إلى جانبك لإعانتك على طاعة الله تعالى ، وعليه أن يتقي الله تعالى
فيكِ وأن لا يعرضكِ للفتن ، وليتنبه لهذه المسئولية الملقاة على عاتقه .
ثالثاً :
والحمد لله تعالى أن وفقكِ للتوبة والرجوع إليه قبل الانغماس في
المعصية أو ارتكاب ما هو أشد منها ، والمعصية يزينها الشيطان في نفس فاعلها ، فإنْ
تذكَّر عقوبة فِعلها وتذكَّر ما عند الله من الثواب على تركها ، وعلم ما أعدَّه
الله في الآخرة للطائعين : علِم أن ما عند الله خير وأبقى ، وأن المعاصي مهما بلغ
صاحبها في النشوة واللذة فهي إلى غمٍّ وهمٍّ ونكدٍ في الدنيا ، وإلى عقوبة في الدار
الآخرة ، فاستمري على التوبة ، وعلى ندمك على ما فعلتِ ، واعزمي عزماً مؤكداً على
عدم الرجوع إليها ، وافعلي الطاعات تعويضاً عما فات وتقرباً إلى الله لزيادة الثواب
.
رابعاً :
لا بدَّ أن تغلقي أبواب الفتن التي جاءتك المعاصي من خلالها ،
ونعني بذلك ” تلك المحادثات ” فعليك أن تبتعدي بالكلية عن تلك المحادثات الآثمة
التي كانت مع الرجال ، فلا يحل لك دخول الغرف الصوتية لهم ولا مراسلتهم والحديث
معهم ، وإن كانوا معك على ” الماسنجر ” فسارعي بشطب أسمائهم .
وإن خشيت أن يكون دخولك على الإنترنت سيجرك إلى محادثة هؤلاء
فامتنعي كليةً عن الدخول على الإنترنت ، واكتفي بالأشرطة الصوتية النافعة ، وقراءة
الكتب النافعة ، والبحث عن صحبة صالحة من بنات جنسكِ يدلونك على الخير ، ويمنعونك
من السوء والشر .
ومن مقتضيات التوبة الصادقة التي يكون معها الندم والعزم على عدم
الرجوع إليها أن تبتعدي عن مواضع الفتن الأخرى من مواقع محرمة ، أو منتديات اللغو
والفحش .
ولو أنك فرَّغتِ نفسكِ لسماع الأشرطة وقراءة الكتب النافعة ،
وقراءة الأجوبة والمقالات من المواقع الإسلامية المعروفة بصحة الاعتقاد ، وسلامة
المنهج لما كفتكِ حياتك كلها لو طالت ، فكيف تضيِّعين العمر فيما لا ينفع وبين يديك
كنوز الخير من الكتب والمقالات والأشرطة ؟! وهي حجة عليك يوم القيامة إن فرطتِ فيها
، وليس لك أن تقولي إنني وحيدة ولا أعرف كيف أقضي وقتي ، وأنتِ بين بساتين الخير
فيها الورود والأزهار ذوات الروائح الزكية ، فتنقلي بين تلك البساتين واحرصي على
الخير لنفسك ، واعلمي أن العمر قصير ، ولو قضاه الإنسان كلَّه في طاعة الله للقي
الله تعالى مقصِّراً فكيف له أن يضيعه في اللغو والمعصية ؟!
خامساً :
من عادة كثير من الرجال في مخاطبتهم للنساء أن يحرصوا على
الاستمرار معهن حتى إذا قضوا حاجتهم منهن انتقلوا إلى غيرهن ، وهذا ما أنقذك الله
منه ، وهي نعمة لا تقدَّر بمال الدنيا ، وتحتاج منكِ إلى المداومة على شكره تعالى ،
وكذلك يتركونهن إلى غيرهن إذا أيسوا منهن أو انقطعت بينهم الاتصالات ، وقد يخطر
ببال كثير منهم أن ما حصل من محادثات لم يكن مع امرأة ، وأن الصورة ليست لواحدة
بعينها ، بل قد تكون من أي محل تصوير أو من مجلة أو من جريدة ، فإذا قطعتِ الاتصال
بهم نهائيّاً – وهذا ما وفقك الله لفعله – فإن الأمر سيكون على تلك الاحتمالات ،
ولا داعي للاهتمام بالصورة والحرص على تحصيلها ، فقد تستخدم وسيلة ابتزاز كما حدث
مع كثيرات ، فانسي الأمر تماماً وفوِّضي أمرك إلى الله تعالى ، فهو ” ستِّير يحب
الستر ” كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو الذي وفقك للإسلام والتوبة ، وهو
الذي أنقذك ، فلم تقعي في براثن تلك الذئاب ، وهو الذي سيستر عليك ، وييسر لك أمرك
، بمشيئته سبحانه وتعالى ، وصور النساء اللاتي تُظهر أكثر مما في صورتك تملأ الشبكة
– عياذاً بالله – فلن يبقى أحدٌ منهم حريصا على صورةٍ مثل تلك ، وبين يديه الآلاف
غيرها .
سادساً :
وإياكِ أن تخبري زوجكِ بما حصل ، بل عليك أن تستتري بستر الله
تعالى ، وقد يتسبب إخبارك له بعواقب وخيمة ، فدعي الأمر بينك وبين الله ، توبي إليه
عز وجل ، واطلبي منه العفو والمغفرة ، وأكثري من فعل الطاعات ، واحرصي على أن يعلن
زوجك زواجك لأهله ، واطلبي منه أن يبقى إلى جانبك ليعينك على طاعة الله ، ولا تفتحي
على نفسكِ أبواباً مغلقة بإخباره عما حصل منكِ ، فليس هناك فائدة في إخباره ، بل قد
يترتب عليه آثار ليست في مصلحتك ولا مصلحة بيتكِ .
سابعاً :
ليس في إخبارك لأحدٍ أنك ” مطلَّقة ” أو ” أنك ستطلَّقين ” أي
أثر على صحة عقد زواجك ، فاطمئني ولا تقلقي ، ومثل هذه الكلمات قد يترتب عليها أمور
أخرى لو قالها الزوج ، أما الزوجة فلا أثر لنطقها بتلك الكلمات على عقد الزواج ،
فلا داعي للقلق من هذه الناحية ، وليس هناك حكم يترتب على قولك سوى أن عليك التوبة
والاستغفار لأنه إخبار بغير الحقيقة .
ثامناً :
أنتِ لم تفسدي حياتك بل أصلحتيها بإسلامك أولاً ، وبتوبتك من تلك
المعاصي ثانياً ، واعلمي أن الله تعالى غفور رحيم ، وأنه يقبل التوبة من عباده ،
وأنه يبدل سيئات الصادقين في توبتهم حسنات ، وأنه تعالى قد يوفقك لصدقك في التوبة
لأن تكوني أفضل حالاً وأقوى استقامة بعد ذلك الرجوع الصادق إليه عز وجل ، فلا يتطرق
اليأس والقنوط إلى قلبك ، فقد قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : ( كل بني آدم
خطَّاء ، وخير الخطائين التوَّابون ) وأنتِ من بنات آدم ، وقد أخطأتِ ، فكوني من
خير الخطائين وهم التوابون ، ونرجو من الله تعالى أن يكون قد وفقك للتوبة النصوح ،
وأن يتقبل منك .
واعلمي أن الله تعالى سيبدل سيئاتك حسنات لو أنك فعلتِ هذا ،
واسمعي ماذا يقول ربنا عز وجل في هذا ، قال تعالى : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ
مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ
إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا .
يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا . إِلا
مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ
سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الفرقان/68–
70 .
والخلاصة :
استمري على توبتك ، وأغلقي أبواب الفتنة عليك ، واحرصي على
الطاعة والصحبة الصالحة ، ولا تخبري زوجك بما حصل معك ، وثقي بالله تعالى أنه سيستر
عليك لو أنك صدقتِ في توبتك .
ونرجو أن نكون قد أجبنا على تساؤلاتك ، وستجدين هذا الموقع
نصيراً لك ، ودالاًّ لك على الخير ، إن شاء الله تعالى ، ونرجو أن نسمع عن تغير
حالك إلى ما هو أحسن ، وأن نرى زوجك أعلن زواجك أمام أهله ، ونسأل الله تعالى أن
يرزقك علماً نافعاً وعملاً صالحاً وذرية طيبة .
والله الموفق .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟