هل يصلي خلف من يجهل عقيدته وفي الولاية متصوفة وشيعة ؟
السؤال: 72441
أنا لا أصلي الجمعة مع الجماعة حيث إنني مبتعث لدولة أجنبية المسلمون في هذه الولاية قلة وفيهم الشيعة والمتصوفون , وأنا لا أعلم عن حال الإمام إن كان مسلما سنيا أو لا , فما حكم تركي للصلاة معهم ؟ مع العلم بأن المسجد بعيد ولا أسمع الأذان .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
صلاة الجماعة واجبة على من سمع الأذان ، فإذا كان بيتك بعيداً عن
المسجد بحيث لا تسمع الأذان إذا رفع المؤذن صوته من غير مكبر للصوت ، مع سكون
الرياح والضوضاء ونحو ذلك مما يؤثر على السماع فلا يجب عليك حضور صلاة الجماعة في
المسجد .
وقد سبق بيان هذا في السؤال رقم (21969)
، والسؤال رقم (20655) .
وأما صلاة الجمعة فقد أجمع العلماء على أنها واجبة على كل من كان
في المدينة من الرجال ، سواء سمع النداء أو لا ، ومهما تباعدت أطراف المدينة .
وانظر بيان هذا في جواب السؤال : (
39054 ) .
ثانياً :
ما دام الإمام مسلما في الظاهر ، فلا يجوز ترك الجمعة والجماعة
خلفه لاحتمال كونه شيعيا أو صوفيا ، إلا أن تمكن إقامة الجمعة والجماعة – من غير
فتنة – خلف غيره ممن هو معروف بالاستقامة وصحة المنهج ، فالصلاة خلف هذا أولى وأفضل
.
والأصل إحسان الظن بالمسلم ، وعدم القدح في دينه ومنهجه بغير
قادح معلوم ، كما أن القول الراجح صحة الصلاة خلف كل من حكمنا بإسلامه ، ما لم يقع
في أمور مكفرة ، كاعتقاد تحريف القرآن الكريم ، أو تكفير أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم ، أو دعاء الأموات والاستغاثة بهم ، فهذا لا يصلى خلفه .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن الصلاة خلف المرازقة وعن
بدعتهم ؟
فأجاب : ” يجوز للرجل أن يصلى الصلوات الخمس والجمعة وغير ذلك
خلف من لم يعلم منه بدعة ولا فسقا باتفاق الأئمة الأربعة وغيرهم من أئمة المسلمين ،
وليس من شرط الائتمام أن يعلم المأموم اعتقاد إمامه ، ولا أن يمتحنه فيقول : ماذا
تعتقد ؟ بل يصلى خلف مستور الحال ، ولو صلى خلف من يعلم أنه فاسق أو مبتدع ففي صحة
صلاته قولان مشهوران في مذهب أحمد ومالك ، ومذهبُ الشافعي وأبى حنيفة الصحة .
… ولو علم المأموم أن الإمام مبتدع يدعو إلى بدعته ، أو فاسق
ظاهر الفسق ، وهو الإمام الراتب الذي لا تمكن الصلاة إلا خلفه كإمام الجمعة
والعيدين ، والإمام في صلاة الحج بعرفة ونحو ذلك ، فان المأموم يصلي خلفه عند عامة
السلف والخلف ، وهو مذهب أحمد والشافعي وأبى حنيفة وغيرهم .
ولهذا قالوا في العقائد : إنه يصلى الجمعة والعيد خلف كل إمام
برا كان أو فاجرا ، وكذلك إذا لم يكن في القرية إلا إمام واحد فإنها تصلى خلفه
الجماعات ، فإن الصلاة في جماعة خير من صلاة الرجل وحده وإن كان الإمام فاسقا ، هذا
مذهب جماهير العلماء ، أحمد بن حنبل والشافعى وغيرهما ، بل الجماعة واجبة على
الأعيان في ظاهر مذهب أحمد . ومن ترك الجمعة والجماعة خلف الإمام الفاجر فهو مبتدع
عند الإمام أحمد وغيره من أئمة السنة …
والصحيح أنه يصليها ولا يعيدها ، فإن الصحابة كانوا يصلون الجمعة
والجماعة خلف الأئمة الفجار ، ولا يعيدون ، كما كان ابن عمر يصلى خلف الحجاج ، وابن
مسعود وغيره يصلون خلف الوليد بن عقبة ، وكان يشرب الخمر … والفاسق والمبتدع
صلاته في نفسه صحيحة فإذا صلى المأموم خلفه لم تبطل صلاته ، لكن إنما كَرِهَ مَنْ
كَرِهَ الصلاة خلفه لأن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر واجب ، ومن ذلك أن من أظهر
بدعة أو فجورا لا يُرتّب إماما للمسلمين ، فإنه يستحق التعزير حتى يتوب ، فإذا أمكن
هجره حتى يتوب كان حسنا ، وإذا كان بعض الناس إذا ترك الصلاة خلفه ، وصلى خلف غيره
أثّر ذلك حتى يتوب أو يعزل أو ينتهي الناس عن مثل ذنبه ، فمثل هذا إذا ترك الصلاة
خلفه كان فيه مصلحة ، ولم يفت المأموم جمعة ولا جماعة ، وأما إذا كان ترك الصلاة
يفوّت المأموم الجمعة والجماعة فهنا لا يَترك الصلاة خلفهم إلا مبتدع مخالف للصحابة
رضي الله عنهم ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (23/351- 356) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة : ما حكم أكل اللحوم عندما يكون
الذابح مجهول العقيدة والصلاة وراءه ؟
فأجابوا : ” إذا كان المسلم ظاهرا ، مجهول الحال بالنسبة لعقيدته
، ولم يعلم عنه انحراف في عقيدته صحت الصلاة وراءه وأكلت ذبيحته ” انتهى
.
“فتاوى اللجنة الدائمة” (7/365) .
وجاء فيها أيضا (7/353) : ” وأما الصلاة خلف المبتدعة : فإن كانت
بدعتهم شركية كدعائهم غير الله ونذرهم لغير الله واعتقادهم في مشايخهم ما لا يكون
إلا لله من كمال العلم ، أو العلم بالمغيبات ، أو التأثير في الكونيات ، فلا تصح
الصلاة خلفهم .
وإن كانت بدعتهم غير شركية ؛ كالذكر بما أثر عن النبي صلى الله
عليه وسلم ولكن مع الاجتماع والترنحات ، فالصلاة وراءهم صحيحة ، إلا أنه ينبغي
للمسلم أن يتحرى لصلاته إماما غير مبتدع ؛ ليكون ذلك أعظم لأجره وأبعد عن المنكر ”
انتهى .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : ما حكم المقيم في بلد أهله
متمسكون بالبدعة ، هل يصح له أن يصلي معهم صلاة الجمعة والجماعة ، أو يصلي وحده ،
أو تسقط عنه الجمعة ؟ وإذا كان أهل السنة ببلد أقل من اثني عشر فهل تصح لهم الجمعة
أم لا ؟
فأجاب : ” إنّ إقامة صلاة الجمعة واجبة خلف كل إمام بر أو فاجر ،
فإذا كان الإمام في الجمعة لا تخرجه بدعته عن الإسلام فإنه يصلى خلفه ، قال الإمام
أبو جعفر الطحاوي رحمه الله في عقيدته المشهورة : ” ونرى الصلاة خلف كل بر وفاجر من
أهل القبلة وعلى من مات منهم ” انتهى … ” ثم نقل كلام شيخ
الإسلام السابق ، إلى أن قال : ” وأما السؤال الثاني : فجوابه أن يقال : هذه
المسألة فيها خلاف مشهور بين أهل العلم ، والصواب في ذلك : جواز إقامة الجمعة
بثلاثة فأكثر إذا كانوا مستوطنين في قرية لا تقام فيها الجمعة ، أما اشتراط أربعين
أو اثني عشر أو أقل أو أكثر لإقامة الجمعة فليس عليه دليل يعتمد عليه فيما نعلم ،
وإنما الواجب أن تقام في جماعة وأقلها ثلاثة وهو قول جماعة من أهل العلم ، واختاره
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وهو الصواب كما تقدم ” انتهى من “مجموع
فتاوى الشيخ ابن باز” (4/303) .
هذا وينبغي أن تتعاون مع الجالية الموجودة في هذه البلاد ،
لدعوتهم إلى الله تعالى ، وتصحيح عقائدهم ، وإرشاد ضالهم ، بالحكمة بالموعظة الحسنة
، والسعي لأن تكون إمامة الصلاة في أفضلهم وأتقاهم .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
![answer](/_next/image?url=%2F_next%2Fstatic%2Fmedia%2Fanswer.91a384f1.png&w=64&q=75)
موضوعات ذات صلة