أعمل في شركة بيع بالمزاد العلني وأسأل هل يُجيز الإسلام تقديم عطاءات في المزادات ؟.
هل يجيز الإسلام تقديم عطاءات في المزادات ؟
السؤال: 7294
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
أباح الشرع الحنيف بيع المزايدة ولم يمنعه على الراجح المشهور من مذاهب جمهور العلماء وذلك للأدلة التالية :
1- عن جابر ” أن رجلاً أعتق غلاماً له عن دبر فاحتاج فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم . فقال : من يشتريه ؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله فدفعه إليه ” . رواه البخاري ( 2034 ) ومسلم ( 997 ) .
الحديث : بوَّب عليه البخاري : باب بيع المزايدة .
قال ابن حجر : وأجاب ابن بطال بأنّ الشاهد في الحديث بقول الرسول صلى الله عليه وسلم من يشتريه مني قال فعرضه للزيادة ليستقضي فيه المفلس الذي باعه عليه . ” فتح الباري ” ( 4 / 354 ) .
2- قال عطاء : أدركت الناس لا يرون بأساً ببيع المغانم فيمن يزيد . رواه البخاري معلقاً في كتاب البيوع ( باب بيع المزايدة ) .
ثانياً :
الأدلة العقلية :
إن بيع المزايدة يعرض فيه التاجر سلعته فيطلبها المشتري بسعر كذا مثلاً فلا يرضى البائع به ، وهنا انتهى العرض والمساومة وانتهت مبادرات الصفقة . فيقول : ومن يزيد فيطلبها الثاني بسعر كذا وهكذا دواليك .
ولذلك يكون كل عرض للبيع صفقة مستقلة عن الأخرى ولا حرج في ذلك .
ثالثاً :
ذهب بعض أهل العلم على أن بيع المزايدة خاص بالمغانم والمواريث منهم الأوزاعي وإسحاق بن راهويه مستدلين بحديث :
” نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع أحدكم على بيع أحد حتى يذر إلا الغنائم والمواريث ” رواه أحمد ( 5398 ) والدار قطني ( 3 / 11 ) والبيهقي ( 5 / 344 ) والطبراني في ” الأوسط ” ( 8 / 198 ) .
الرد على هذا الرأي :
أن الحديث ضعيف ، فيه عبد الله بن لهيعة .
أن حديث جابر عام ، فيبقى الحكم على عمومه .
ولهذا لما قال الإمام الترمذي :
والعمل على هذا عند بعض أهل العلم لم يروا بأسا ببيع من يزيد في الغنائم والمواريث .
وقال ابن العربي رحمه الله :
لا معنى لاختصاص الجواز بالغنيمة والميراث فإن الباب واحد والمعنى مشترك . انظر ” فتح الباري ” ( 4 / 354 ) .
رابعاً :
كره بعض أهل العلم – ومنهم إبراهيم النخعي – هذا النوع من البيع واستدلوا بحديث سفيان بن وهب ” سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع المزايدة ” .
والرد :
1. الحديث : رواه البزار وهو حديث ضعيف علته ابن لهيعة . انظر ” فتح الباري ” ( 4 / 354 ) .
2. وقد خالف ما هو أصح منه حيث صح ذلك كما ذكرنا .
خامساً :
ولا تعارض بين المزايدة وبيع الرجل على بيع أخيه المنهي عنه بحديث أبي هريرة ” نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد ولا تناجشوا ولا يبيع الرجل على بيع أخيه ….” رواه البخاري ( 2033 ) ومسلم ( 1413 ) .
وذلك لأنّ معنى هذا الحديث : أن يتفق البائع والمشتري ويتساومان على السلعة فيأتي طرف ثالث فيغري البائع بالفسخ ، وليس المزايدة من هذا لأن البائع هو الذي فسخ البيع بقوله من يزيد . والحاضرون في المزاد دخلوا فيه وهم يعلمون بأنّ كلّ من يريد الزيادة فسيزيد
سادساً :
الحذر من بيع (النجْـش) – بسكون الجيم – والنجش في اللغة : الإثارة ، وهو أيضاً إثارة الطائر ليقع بالفخ ، وهو إثارة المشتري ليقع بحبال البائع فيشتري بسعر مرتفع عن طريق رفع السلعة في المزاد من رجل يحضر المزاد ولا يريد الشراء وإنما يريد أن يرفع السلعة فيقول قولا يرفع فيه السلعة ولا يشتري باتفاق مع البائع أو بدون اتفاق لحديث ” نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النجش ” رواه البخاري ( 2035 ) ومسلم ( 1516 ) .
والخلاصة : إن بيع المزاد من البيوع الجائزة في الشريعة الإسلامية وأن جواز هذا البيع مما أجمع عليه المسلمون في أسواقهم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الشيخ محمد صالح المنجد