هل يجوز أن يُبنى مسجد أو ( ملحقات مسجد ) في ساحة الحي السكني الملاصق للمسجد ، ليستخدم في أغراض متعددة ، كصلاة الجماعة في رمضان ، وصلاة العيدين ، وما إلى ذلك ، من تبرعاتٍ مصدرُها محرم ، مع أن إدارة المسجد على علمٍ بذلك ؟.
حكم بناء المسجد أو ملحقاته من مالٍ حرام
السؤال: 75410
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
المال الحرام إما أن يكون محرما لعينه ، وإما أن يكون محرماً لكسبه .
فالمحرم لعينه كالمال المغصوب والمسروق ، فهذا لا يحل لأحد الانتفاع به وهو يعلم أنه مسروق من فلان ، بل يحب رده إلى صاحبه .
وطريقة التوبة من غصب هذا المال : أن يرد إلى صاحبه ، ولا يجزئ الغاصب التبرع به لبناء مسجد وهو يقدر على رده إلى صاحبه .
لكن إن تعذر رده إلى صاحبه ، ( كالمال الذي تغتصبه بعض الحكومات الظالمة من الناس ) فلا حرج في إنفاقه في مصالح المسلمين العامة ، ومنها بناء المساجد .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في “السياسة الشرعية” (ص 35) :
” إذا كانت الأموال قد أخذت بغير حق وقد تعذر ردها إلى أصحابها ككثير من الأموال السلطانية (أي التي غصبها السلطان) ; فالإعانة على صرف هذه الأموال في مصالح المسلمين كسداد الثغور ونفقة المقاتلة ونحو ذلك : من الإعانة على البر والتقوى ; إذ الواجب على السلطان في هذه الأموال – إذا لم يمكن معرفة أصحابها وردها عليهم ولا على ورثتهم – أن يصرفها – مع التوبة إن كان هو الظالم – إلى مصالح المسلمين . هذا هو قول جمهور العلماء كمالك وأبي حنيفة وأحمد وهو منقول عن غير واحد من الصحابة وعلى ذلك دلت الأدلة الشرعية . . .
وإن كان غيره قد أخذها فعليه هو أن يفعل بها ذلك ” انتهى .
وأما المحرم لكسبه فهو الذي اكتسبه الإنسان بطريق محرم كبيع الخمر ، أو التعامل بالربا ، أو أجرة الغناء والزنا ونحو ذلك ، فهذا المال حرام على من اكتسبه فقط ، أما إذا أخذه منه شخص آخر بطريق مباح فلا حرج في ذلك ، كما لو تبرع به لبناء مسجد ، أو دفعه أجرة لعامل عنده ، أو أنفق منه على زوجته وأولاده ، فلا يحرم على هؤلاء الانتفاع به ، وإنما يحرم على من اكتسبه بطريق محرم فقط .
وطريقة التوبة من هذا المال المحرم : التخلص منه ، وإنفاقه في وجوه البر ومنها بناء المساجد .
قال النووي رحمه الله في “المجموع” (9/330) :
” قال الغزالي : إذا كان معه مال حرام وأراد التوبة والبراءة منه – فإن كان له مالك معين – وجب صرفه إليه أو إلى وكيله , فإن كان ميتا وجب دفعه إلى وارثه , وإن كان لمالك لا يعرفه ويئس من معرفته فينبغي أن يصرفه في مصالح المسلمين العامة , كالقناطر والربط والمساجد ، ونحو ذلك مما يشترك المسلمون فيه , وإلا فيتصدق به على فقير أو فقراء . . . وهذا الذي قاله الغزالي ذكره آخرون من الأصحاب , وهو كما قالوه , لأنه لا يجوز إتلاف هذا المال ورميه في البحر , فلم يبق إلا صرفه في مصالح المسلمين , والله سبحانه وتعالى أعلم ” انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : عن حكم الصلاة في مسجد بني من مال حرام ؟
فأجاب :
” الصلاة فيه جائزة ولا حرج فيها ؛ لأن الذي بناه من مال حرام ربما يكون أراد في بنائه أن يتخلص من المال الحرام الذي اكتسبه ، وحينئذٍ يكون بناؤه لهذا المسجد حلالاً إذا قصد به التخلص من المال الحرام ، وإن كان التخلص من المال الحرام لا يتعين ببناء المساجد ، بل إذا بذله الإنسان في مشروع خيري حصلت به البراءة ” انتهى .
“مجموع فتاوى ابن عثيمين” (12/ سؤال رقم 304) وانظر “الشرح الممتع” (4/344) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب