0 / 0
65,37807/10/2006

استخلاف الإمام غيره أثناء الصلاة

السؤال: 77065

هل يجوز استبدال الإمام بإمام آخر أثناء الصلاة ، ابتداء من الركعة الثانية ، حيث إن الإمام الأول لم يستطع إكمال الصلاة ، أو قراءة القرآن من شدة البكاء ، وخاف الإطالة على المأمومين ، وقد كانوا على سفر وعلى عجلة من أمرهم جميعا ، فَوَلَّى مِن المأمومين مَن ينوب عنه في الإمامة أثناء الصلاة ، واستبدل كلٌّ منهم مكانه بمكان الآخر ، وأكملوا الصلاة على ذلك ، فإن لم يكن تصرفهم هذا جائزا فماذا على الإمام ؟ وماذا على المأمومين ؟ وماذا على الإمام المستبدل ؟ .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

إذا طرأ على الإمام عذر يمنعه من إتمام صلاته أو من البقاء في الإمامة ، فإن له أن يستخلف أحد المأمومين ليتم الصلاة بالجماعة خلفه ، هذا هو مذهب جماهير أهل العلم .

قال النووي رحمه الله في “المجموع” (4/142) :

” حكاه ابن المنذر عن عمر بن الخطاب وعلي وعلقمة وعطاء والحسن البصري والنخعي والثوري ومالك وأصحاب الرأي وأحمد ، ولم يصرح بحكاية منع الاستخلاف عن أحد ” انتهى.

واستدلوا بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما طعن وهو في الصلاة أخذ بيد عبد الرحمن بن عوف ، فقدمه ، فأَتَمَّ بالناس الصلاة . رواه البخاري (3700) .

وكان ذلك بمحضر من الصحابة وغيرهم ، ولم ينكر ، فكان إجماعا .

انظر : “الموسوعة الفقهية” (3/252) .

ثانياً :

عَجْزُ الإمام عن إتمام الصلاة بالناس أو القيام بأحد أركان الصلاة يعتبر من الأعذار التي تجيز له أن يستخلف غيره فيتم صلاة الجماعة .

قال أبو الوليد الباجي في “المنتقى شرح الموطأ” (1/290) :

” وأما تأخر الإمام لعذر فلا خلاف في جواز ذلك ، والأعذار على وجهين :

منها : ما يوجب للإمام كونه مأموما ، وذلك إذا عجز عن شيء من فروض الصلاة ، فإنه يتأخر ويقدم رجلا من القوم يتم بهم الصلاة ويأتم هو به ” انتهى .

ومن ذلك لو غلب البكاء على الإمام فما يعود يقدر أن يتم ركن القراءة بالفاتحة ، فيستخلف أحد المأمومين حينئذ .

قال ابن قدامة في “المغني” (1/944) :

” إن عجز عن إتمام الفاتحة فله أن يستخلف من يصلي بهم ؛ لأنه عذر ، فجاز أن يستخلف لأجله ، كما لو سبقه حدث ، وكذلك لو عجز في أثناء الصلاة عن ركن فإنه يستخلف من يتم بهم الصلاة ” انتهى .

أما إذا كان الإمام قد أتم قراءة الفاتحة ، ثم غلبه البكاء أثناء القراءة بعد الفاتحة ، فإنه حينئذ يقطع قراءته ويركع ولا شيء عليه .

فعن عبد الله بن السائب رضي الله عنه قال : ( صَلَّى لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى الّلهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ الصُّبحَ بِمَكَّةَ ، فَاستَفتَحَ سُورَةَ المُؤمِنِينَ ، حَتَّى جَاءَ ذِكرُ مُوسَى وَهَارُونَ ، أَخَذَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ سَعلَةٌ فَرَكَعَ ) رواه مسلم (455) .

قال النووي “شرح مسلم” (4/177) :

” وفي هذا الحديث جواز قطع القراءة ولا كراهة فيه إن كان القطع لعذر ” انتهى .

ولا يجوز له أن يستخلف حينئذ ؛ إذ يمكنه إتمام الصلاة بالناس مقتصرا على أركانها ، ولا داعي لمعاناة القراءة أثناء البكاء ، فإن قراءة ما زاد على الفاتحة ليس بواجب .

وقد نقل في “مواهب الجليل” (2/136) عن المازري أنه قال :

” لا يستخلف لِحَصرِ قراءة بعض السورة ” انتهى . (أي : إذا امتنعت عليه القراءة) .

ويوصَى في مثل هذه الأحوال أن يحاول ضبط نفسه قدر الإمكان ، حتى لا يشق على المصلين ، فإن البكاء يسترسل ويطول ، ولذلك بعض المفاسد .

وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله في “مجموع الفتاوى” (11/342): ما رأي سماحتكم في ظاهرة ارتفاع الأصوات بالبكاء ؟

فأجاب :

” لقد نصحت كثيرا ممن اتصل بي بالحذر من هذا الشيء ، وأنه لا ينبغي ؛ لأن هذا يؤذي الناس ويشق عليهم ويشوش على المصلين وعلى القارئ ، فالذي ينبغي للمؤمن أن يحرص على أن لا يسمع صوته بالبكاء ، وليحذر من الرياء ، فإن الشيطان قد يجره إلى الرياء ، فينبغي له أن لا يؤذي أحدا بصوته ، ولا يشوِّش عليهم ، ومعلوم أن بعض الناس ليس ذلك باختياره ، بل يغلب عليه من غير قصد ، وهذا معفو عنه إذا كان بغير اختياره ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أنه إذا قرأ يكون لصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء ) ، وجاء في قصة أبي بكر رضي الله عنه أنه ( كان إذا قرأ لا يُسمِع الناس من البكاء ) ، وجاء عن عمر رضي الله عنه ( أنه كان يُسمَعُ نشيجُه من وراء الصفوف ) ، ولكن هذا ليس معناه أنه يتعمد رفع صوته بالبكاء ، وإنما شيء يغلب عليه من خشية الله عز وجل ، فإذا غلبه البكاء من غير قصد فلا حرج عليه في ذلك ” انتهى .

ثالثاً :

تبين مما سبق أنه إن كان إمامكم قد أتم قراءة الفاتحة ، فقد أخطأ حيث استخلف غيره ، فلا يَعُد إلى مثل ذلك ، أما حكم صلاتكم وصلاته فهي صحيحة إن شاء الله ، ولا يؤمر أحد بالإعادة ، لعدم العلم بالحكم الشرعي .

وأما إن كان الإمام غلبه البكاء عن قراءة الفاتحة ، فما فعله من استخلاف غيره صواب مشروع .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android