لقد شاءت الأقدار الإلهية أن أصاب بمرض السل الرئوي، وبدأت العلاج بأخذ حقن يوميا لمدة سنة وأدوية أخرى مقسمة على 3 فترات يوميا. ولقد صادف العلاج دخول شهر رمضان المبارك، ورغم ذلك بدأت بصيام الشهر الكريم ، وبعد مرور 15 يوما على الصيام توجهت كعادتي لأخذ العلاج-حقنة- من المركز الصحي وهنا سألني الممرض إن كنت أصوم ، فكان جوابي بالإيجاب، فكان رده أن قال*من اليوم أفطر**وتبعا لذلك أفطرت ما بقي من الصيام. وقمت بعد ذلك بقضاء الأيام التي أفطرتها. وبعد معرفتي بأن الحقن لا تفطر ، أصبت بالندم وبالذنب الكبير رغم أن نيتي واضحة في إتمام صيام ذلك الشهر رغم مرضي. وألوم كثيرا ذلك المعالج-الممرض- الذي أوصاني بإفطار ما بقي من الصيام. أرجوكم إفادتي بموقف الشريعة الإسلامية من ذلك.
أخبر بأن الحقن مفطّرة فأفطر ثم قضى فما ذا عليه ؟
السؤال: 79178
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
الحقن التي يتناولها المريض على نوعين:
الأول : ما كان منها مغذيا ، فهذه تفطر الصائم إذا تعمد استعمالها .
والثاني : ما ليس مغذيا ، فلا أثر لها على الصوم ، سواء أُخذت عن طريق الوريد أو العضل ، في أصح قولي العلماء ؛ لأنها ليست أكلا ولا شربا ولا في معنى الأكل والشرب .
وانظر السؤال رقم (49706) (65632) ، ففيهما نقل لشيء من فتاوى أهل العلم في هذه المسألة .
ولعل هذا الممرّض أخذ بقول من يرى أن الحقن تفطر الصائم إذا وصلت إلى الجوف .
وعلى كل حال ، فكونك أفطرت بناء على كلامه ، ثم قضيت ما فاتك ، فقد أديت ما عليك ، ولا يلزمك شيء آخر .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن امرأة دهنت شعرها ثم أخبرتها أختها بأن ذلك مفطّر ، فأفطرت ثم قضت ، فأجاب : ( الإجابة على هذا السؤال من وجهين : الوجه الأول : هذه المرأة التي أفتتها بلا علم ، فإن ادهان المرأة وهي صائمة لا يبطل الصوم …
أما الوجه الثاني : من جهة هذه المرأة التي أفتيت بغير علم فأفطرت ثم قضت بناء على هذه الفتوى فإنه لا شيء عليها الآن ؛ لأنها أدت ما يجب عليها ) انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (19/226).
ثانيا :
ورد في سؤالك ، قولك : ( شاءت الأقدار الإلهة ) ، وهذا خطأ شائع ، فإن الأقدار لا مشيئة لها ، والصواب أن يقال : شاء الله ، أو قَدَّر الله .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن قول : " شاءت الظروف أن يحصل كذا وكذا " ، " وشاءت الأقدار كذا وكذا " ؟
فأجاب : ( قول : " شاءت الأقدار " ، و " شاءت الظروف " ألفاظ منكرة ، لأن الظروف جمع ظرف وهو الزمن ، والزمن لا مشيئة له ، وكذلك الأقدار جمع قدر ، والقدر لا مشيئة له ، وإنما الذي يشاء هو الله عز وجل ، نعم لو قال الإنسان : " اقتضى قدر الله كذا وكذا " . فلا بأس به . أما المشيئة فلا يجوز أن تضاف للأقدار لأن المشيئة هي الإرادة ، ولا إرادة للوصف ، إنما الإرادة للموصوف) انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (3/113).
نسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك ، ويزيدك فقها وعلما .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة