متى تكون تكبيرات الانتقال في الصلاة ؟
السؤال: 82627
عندما يصلي الإمام , فمتى يكبر مثلا للركوع هل يكبر قبل أن يركع أم أثناء الركوع أم بعد الركوع ؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
المشروع لكل مصلٍّ ( الإمام والمأموم والمنفرد ) أن يكون تكبيره
للركوع مقارنا لحركته ، فيبدأ التكبير حال انحنائه ، ويختمه قبل أن يصل إلى حد
الركوع ؛ فيقع تكبيره بين الركنين ، القيام والركوع .
وقد دلت السنة على أن التكبير يقارن الحركة المقصودة من ركوع ،
وسجود ، وقيام منه ، كما في الصحيحين عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : كَانَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاةِ
يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ ، ثُمَّ يَقُولُ :
سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ ، ثُمَّ
يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْد ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي ،
ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ ، ثُمَّ
يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ ، ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الصَّلاةِ كُلِّهَا
حَتَّى يَقْضِيَهَا ، وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنْ الثِّنْتَيْنِ بَعْدَ
الْجُلُوسِ ) رواه البخاري (789) ومسلم (392) .
فهذا الحديث ظاهرٌ في أن التكبير للركوع يكون أثناء انحنائه إلى
الركوع ، وتكبير السجود أثناء نزوله إلى السجود ، وتكبير الرفع من السجود أثناء
رفعه …… وهكذا ، ذكره النووي في “شرح مسلم” ، وذكر أنه مذهب جمهور العلماء .
ومن الفقهاء من شدد في ذلك ، ورأى أنه لو بدأ المصلي التكبير وهو
قائم قبل أن ينحني ، أو أكمله بعد وصوله إلى الركوع أن ذلك لا يجزئه ، ويكون تاركا
للتكبير ؛ لأنه أتى به في غير موضعه ، وعلى القول بوجوب التكبير : تبطل صلاته إن
تعمد ذلك ، وإن فعله سهوا لزمه السجود للسهو ، والصحيح أنه يعفى عن ذلك دفعاً
للمشقة .
قال المرداوي في “الإنصاف” (2/59) : ” قال المجد وغيره : ينبغي
أن يكون تكبير الخفض والرفع والنهوض ابتداؤه مع ابتداء الانتقال , وانتهاؤه مع
انتهائه . فإن كمّله في جزء منه أجزأه [ أي إذا أوقعه بين الركنين دون أن يبسطه
ويمده ] ; لأنه لا يخرج به عن محله بلا نزاع .
وإن شرع فيه قبله , أو كمّله بعده , فوقع بعضه خارجا عنه , فهو
كتركه ; لأنه لم يكمله في محله ، فأشبه من تمم قراءته راكعا , أو أخذ في التشهد قبل
قعوده .
ويحتمل أن يعفى عن ذلك ; لأن التحرز منه يعسر , والسهو به يكثر ,
ففي الإبطال به أو السجود له مشقة . ” انتهى باختصار .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” قال الفقهاء رحمهم الله :
لو بدأ بالتكبير قبل أن يهوي ، أو أتمه بعد أن يصل إلى الركوع ؛ فإنه لا يجزئه .
لأنهم يقولون : إن هذا تكبير في الانتقال فمحله ما بين الركنين ، فإن أدخله في
الركن الأول لم يصح ، وإن أدخله في الركن الثاني لم يصح ؛ لأنه مكان لا يشرع فيه
هذا الذكر ، فالقيام لا يشرع فيه التكبير ، والركوع لا يشرع فيه التكبير ، إنما
التكبير بين القيام والركوع .
ولا شك أن هذا القول له وجهة من النظر ؛ لأن التكبير علامة على
الانتقال ؛ فينبغي أن يكون في حال الانتقال .
ولكن القول بأنه إن كمله بعد وصول الركوع ، أو بدأ به قبل
الانحناء يبطل الصلاة فيه مشقة على الناس ، لأنك لو تأملت أحوال الناس اليوم لوجدت
كثيرا من الناس لا يعملون بهذا ، فمنهم من يكبر قبل أن يتحرك بالهوي ، ومنهم من يصل
إلى الركوع قبل أن يكمل .
والغريب أن بعض الأئمة الجهال اجتهد اجتهادا خاطئا وقال : لا
أكبر حتى أصل إلى الركوع ، قال : لأنني لو كبرت قبل أن أصل إلى الركوع لسابقني
المأمومون ، فيهوون قبل أن أصل إلى الركوع ، وربما وصلوا إلى الركوع قبل أن أصل
إليه ، وهذا من غرائب الاجتهاد ؛ أن تفسد عبادتك على قول بعض العلماء ؛ لتصحيح
عبادة غيرك ؛ الذي ليس مأمورا بأن يسابقك ، بل أمر بمتابعتك .
ولهذا نقول : هذا اجتهاد في غير محله ، ونسمي المجتهد هذا
الاجتهاد : “جاهلا جهلا مركبا” ؛ لأنه جهل ، وجهل أنه جاهل .
إذا ؛ نقول : كبر من حين أن تهوي ، واحرص على أن ينتهي قبل أن
تصل إلى الركوع ، ولكن لو وصلت إلى الركوع قبل أن تنتهي فلا حرج عليك .
فالصواب : أنه إذا ابتدأ التكبير قبل الهوي إلى الركوع ، وأتمه
بعده فلا حرج ، ولو ابتدأه حين الهوي ، وأتمه بعد وصوله إلى الركوع فلا حرج ، لكن
الأفضل أن يكون فيما بين الركنين بحسب الإمكان . وهكذا يقال في : “سمع الله لمن
حمده ” وجميع تكبيرات الانتقال . أما لو لم يبتدئ إلا بعد الوصول إلى الركن الذي
يليه ، فإنه لا يعتد به ” انتهى من “الشرح الممتع”.
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟