رزقنا ببنت وسميناها مهين (MAHIN ). البعض يقولون إن هذا اسم محمد صلى الله عليه وسلم ، والآخرون يقولون إن له معنى آخر . ما معنى هذا الاسم ؟
ليس هذا من أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم
السؤال: 82700
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
اجتهد العلماء في جمع أسماء النبي صلى الله عليه وسلم الواردة في الكتاب والسنة والآثار ، واختلفت اجتهاداتهم ، في ذلك .
قال ابن كثير – رحمه الله – :
وردت أحاديث كثيرة في ذلك – ( يعني : في أسمائه صلى الله عليه وسلم ) – اعتنى بجمعها الحافظان الكبيران أبو بكر البيهقي ، وأبو القاسم ابن عساكر ، وأفرد الناس في ذلك مؤلفات ، حتى رام بعضهم أن يجمع له عليه الصلاة والسلام ألف اسم ، وأما الفقيه الكبير أبو بكر بن العربي المالكي شارح الترمذي بكتابه الذي سماه “الأحوذي” فإنه ذكر من ذلك أربعة وستين اسماً .
” البداية والنهاية ” ( 2 / 252 ) .
وقال ابن القيم – رحمه الله – :
وأسماؤه صلى الله عليه وسلم نوعان :
أحدهما : خاص لا يشاركه فيه غيره من الرسل ، كمحمد وأحمد والعاقب والحاشر والمقفي ونبي الملحمة .
والثاني : ما يشاركه في معناه غيره من الرسل ، ولكن له منه كمالُهُ ، فهو مختص بكمالِهِ دون أصله ، كرسول الله ونبيه وعبده والشاهد والمبشر والنذير ونبي الرحمة ونبي التوبة .
وأما إن جُعل له من كل وصف من أوصافه اسم تجاوزت أسماؤه المائتين ، كالصادق والمصدوق والرؤوف الرحيم إلى أمثال ذلك ، وفي هذا قال من قال من الناس : إن لله ألف اسم ، وللنبي صلى الله عليه وسلم ألف اسم ، قاله أبو الخطاب ابن دحية ، ومقصوده الأوصاف .
” زاد المعاد ” ( 1 / 86 )
ثانياً :
وبعد البحث في هذه الأسماء التي جمعها أهل العلم ، لم نجد فيها ما ذكره السائل من اسم : ( مهين ) ، بل لا يجوز أن يكون هذا الاسم من أسمائه صلى الله عليه وسلم ؛ لأن معناه لا يليق بمقام النبوة والرسالة .
قال ابن فارس – رحمه الله – :
( مَهِينٌ ) أي : حقير ، والمَهانة : الحَقَارَة .
” معجم مقاييس اللغة ” ( 5 / 227 ) .
ثالثا :
لعل السائل تحرف عليه اسم ( المُهَيمِن ) إلى ( المهين ) ، فقد ذكر بعض العلماء الاسمَ الأَوَّلَ في أسمائه صلى الله عليه وسلم ، وقد تصحف في بعض الكتب إلى ( المهين ) ، وهو تصحيف فاحش .
وقد استدل من ذكر اسم ( المهيمن ) في أسماء النبي صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ )المائدة/48 .
لكن جمهور المفسرين على أن ( مهيمناً ) في الآية الكريمة صفة للكتاب وهو القرآن ، وليست صفة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم .
وقد ذكر ابن كثير – رحمه الله – في تفسير ( وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ) أقوالا ثلاثة للسلف : الأمين ، والشاهد ، والحاكم ، ثم قال :
” وهذه الأقوال كلها متقاربة المعنى ، فإن اسم ( المهيمن ) يتضمن هذا كله ، فهو أمين ، وشاهد ، وحاكم على كل كتاب قبله … .
فأما ما حكاه ابن أبي حاتم عن عكرمة وسعيد بن جبير وعطاء الخراساني وابن أبي نجيح عن مجاهد أنهم قالوا في قوله : ( وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ) يعني : محمَّداً صلى الله عليه وسلم ، أمين على القرآن : فإنه صحيح في المعنى ، ولكن في تفسير هذا بهذا نظر ، وفي تنزيله عليه من حيث العربية أيضا نظر . وبالجملة فالصحيح : الأول .
وقال أبو جعفر بن جرير بعد حكايته له عن مجاهد : وهذا التأويل بعيد من المفهوم في كلام العرب ، بل هو خطأ ، وذلك أن المهيمن عطف على المصدق ، فلا يكون إلا صفة لما كان المصدق صفة له ، قال : ولو كان الأمر كما قال مجاهد لقال : ” وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب مهيمنا عليه ” من غير عطف ” انتهى.
” تفسير ابن كثير ” ( 3 / 128 ) .
رابعاً :
النصيحة لك أخي الكريم أن تترك كلا الاسمين :
( المهيمن ) لأنه من أسماء الله تعالى ، ولا يجوز التسمي بما يختص به سبحانه من الأسماء .
قال ابن القيم – رحمه الله – :
” ومما يُمنع تسمية الإنسان به : أسماء الرب تبارك وتعالى ” انتهى .
” تحفة المودود ” ( 120 ) .
وكذا ( المهين ) ، لما يحمله من معاني الذل والضعة والهوان ، والمسلم عزيز بإسلامه ، شريف بإيمانه ، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على اختيار الاسم الحسن ، تفاؤلا أن يحمل صاحبه ما فيه من معاني المروءة والشرف .
قال ابن القيم – رحمه الله – :
” فقلَّ أن ترى اسماً قبيحاً إلا وهو على مسمًّى قبيح ، والله سبحانه بحكمته في قضائه وقدره يلهم النفوس أن تضع الأسماء على حسب مسمياتها ………
وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( أسلم : سالمها الله ، وغِفار : غفر الله لها ، وعصية : عصت الله ورسوله ) متفق عليه . ( فهذه قبائل من قبائل العرب ، وافقت أسماؤها مسمياتها )
وبالجملة فالأخلاق والأعمال والأفعال القبيحة تستدعي أسماء تناسبها ، وكما أن ذلك ثابت في أسماء الأوصاف ، فهو كذلك في أسماء الأعلام ، وما سمي رسول الله صلى الله عليه وسلم محمدا وأحمد إلا لكثرة خصال الحمد فيه ، ولهذا كان لواء الحمد بيده ، وأمته الحمادون ، وهو أعظم الخلق حمدا لربه تعالى ، ولهذا أمر رسول الله عليه الصلاة والسلام بتحسين الأسماء ، فقال : ( حسِّنوا أسماءكم ) – رواه أبو داود وإسناده ضعيف – فإن صاحب الاسم الحسن ، قد يستحي من اسمه ، وقد يحمله اسمه على فعل ما يناسبه وترك ما يضاده ، ولهذا ترى أكثر السفل أسماؤهم تناسبهم ، وأكثر العلية أسماؤهم تناسبهم ، وبالله التوفيق ” انتهى .
” تحفة المودود ” ( 135 ) .
وانظر جواب السؤالين رقم ( 7180 ) و ( 1692 ) .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة