أبي وأمي يعيشون في مدينة وأنا أعيش في مدينة أخرى لظروف العمل ، في يوم من الأيام سافرت أنا وزوجتي إلى دولة مجاورة لمدة يومين ورجعنا . ذكر لي أحد أصدقائي بأني بفعلي هذا قد عققت والداي لأني لم أخبرهما قبل أن أذهب ، مع العلم أني قد أخبرتهما بذلك وأنا في تلك الدولة . فهل فعلاً أكون قد عققتهما؟
هل يلزمه استئذان والديه للسفر القريب لمدة يومين ؟
السؤال: 83691
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
إذا كان الوالدان أو أحدهما غير محتاج إلى الولد في الخدمة أو التمريض ونحو ذلك ، فلا حرج عليه أن يسافر السفر المأمون الذي لا خطر فيه بدون إذنهما ، ولا يعد ذلك عقوقا . وإن أخبرهما بسفره ، بِرّاً بهما وتطييبا لخاطرهما فهو أولى وأفضل .
وأما السفر الذي لا يؤمن فيه الهلاك ، كالسفر للجهاد فإنه لا بد فيه من إذنهما ما لم يكن الجهاد فرض عين .
قال الكاساني رحمه الله في "بدائع الصنائع" (7/98) : " لا يخرج الولد إلى الجهاد إلا بإذن والديه أو أحدهما إذا كان الآخر ميتا ; لأن بر الوالدين فرض عين فكان مقدما على فرض الكفاية .
والأصل أن كل سفر لا يؤمن فيه الهلاك ، ويشتد فيه الخطر لا يحل للولد أن يخرج إليه بغير إذن والديه ، لأنهما يشفقان على ولدهما فيتضرران بذلك ، وكل سفر لا يشتد فيه الخطر يحل له أن يخرج إليه بغير إذنهما إذا لم يضيعهما ، لانعدام الضرر . ومن مشايخنا من رخص في سفر التعلم بغير إذنهما ، لأنهما لا يتضرران بذلك بل ينتفعان به ، فلا يلحقه سمة العقوق " انتهى .
وقال السرخسي رحمه الله في "شرح السير الكبير" (1/197) :
" وكل سفر أراد الرجل أن يسافر غير الجهاد لتجارة أو حج أو عمرة فكره ذلك أبواه ، وهو لا يخاف عليهما الضيعة فلا بأس بأن يخرج ، لأن الغالب في هذه الأسفار السلامة ، ولا يلحقهما في خروجه مشقة شديدة ، فإن الحزن بحكم الغيبة يندفع بالطمع في الرجوع ظاهرا ، إلا أن يكون سفرا مخوفا عليه منه ، فحينئذ حكم هذا وحكم الخروج إلى الجهاد سواء ، لأن خطر الهلاك فيه أظهر . والسفر على قصد التعلم إذا كان الطريق آمنا والأمن في الموضع الذي قصده ظاهرا لا يكون دون السفر للتجارة ، بل هذا فوقه لقوله تعالى : ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ) . فلا بأس بأن يخرج إليه وإن كره الوالدان ، إذا كان لا يخاف الضيعة عليهما " انتهى .
ونحوه قاله النووي رحمه الله في "المجموع" (8/314) .
والحاصل أنه لا شيء عليك في عدم استئذان والديك في هذا السفر ، لأن الغالب فيه السلامة ، والظاهر أنهما لا يحتاجان إليك في الخدمة أو غيرها لأنك تعيش في مدينة غير مدينتهما .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب