تعمل في سكن الطالبات المغتربات
السؤال: 85045
أختي تعمل في سكن طالبات ، وتبيت خارج المنزل يومين في الأسبوع ، والطالبات التي في هذا السكن كلهن مغتربات ، منهن من يوجد لهن إخوة يدرسون في نفس الجامعة لكنهم يعيشون في سكن آخر ، والكثير منهن لا يوجد لهن إخوة أو محرم ، أو قد يكون لهن بعض الأقارب ، لكن يعيشون بعيدا عنهم ، وأنا أعلم أنه لا يجوز للفتاة أن تسافر وتغترب لتتعلم ما يمكن أن تتعلمه في بلادها ، وللأسف أغلب هذه الفتيات أخلاقهن غير سوية ، فما حكم عمل أختي في هذه الدار ، هل حلال أم حرام ؟ كذلك حكم مبيتها خارج منزلها ، خاصة وأنا أعرف الحديث الشريف : ( لعن الله المرأة التي تضع ثوبها في غير بيت زوجها) ؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
لا حرج في عمل أختك في سكن الطالبات ، خاصة إذا كان في مدينتكم ،
فإن كان في مدينة أخرى فلا يجوز لها أن تسافر ذهابا أو إيابا إلا مع ذي محرم ،
ويجوز لها أن تجلس في ذلك السكن بدون المحرم ، لأن الواجب أن يصطحبها المحرم في
طريق السفر فقط ، وكذلك هو الحكم بالنسبة للطالبات اللاتي يعشن فيه أيضا ، ولا
تطالب أختك بالتفتيش عن كل طالبة هل جاءت مع محرمها أو سافرت بدونه ، بل يكفي أن
يكون عملها في السكن مما لا محذور فيه ، كالإدارة أو الرقابة أو النظافة أو غير ذلك
، فكله جائز لا حرج فيه إن شاء الله تعالى .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله في فتاوى “نور على الدرب” (شريط
رقم/288) :
” هذا الذي فعلتِ لا بأس به ، إقامة المرأة في بلد من دون محرم
لا ضرر فيه ، ولا حرج فيه ، ولا سيما إذا كان ذلك لا خطر فيه ، إذا كانت بين النساء
، أو في عمل مفصول عن الرجال مما أباح الله ، أو في قسم داخلي بين النساء ، فكل هذا
لا حرج فيه ، الممنوع السفر ، لا تسافري إلا بمحرم ، ولا تقدمي إلا بمحرم ، وأما
إقامتك بين النساء في عمل مباح فلا حرج فيه ، والحمد لله ” انتهى
.
وانظري جواب السؤال رقم (45917)
.
ثانيا :
أما الحديث المذكور في آخر السؤال ، حديث عائشة رضي الله عنه أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَا مِنِ امرَأَةٍ تَخلَعُ ثِيَابَهَا فِي غَيرِ
بَيتِهَا إِلاَّ هَتَكَت مَا بَينَهَا وَبَينَ اللَّهِ تَعَالَى ) رواه أبو
داود (4010) وصححه الألباني .
قال المناوي في “فيض القدير” (3/136) في شرح هذا الحديث :
” كناية عن تكشفها للأجانب وعدم تسترها منهم ” انتهى
.
فالمقصود بهذا الحديث المرأة التي تخلع ثيابها بحضرة الرجال
الأجانب ، أو في مكان يخشى فيه من اطلاع الأجانب عليها : كالأمكنة العامة أو التي
يرتادها الفسقة ونحو ذلك ، أما إذا كانت في مأمن : كما لو كانت في منزل محارمها أو
والديها ، أو في نُزُلٍ تقيم فيه هي وزوجها في السفر ، أو حاجة علاج أو اغتسال شرعي
ونحو ذلك فلا حرج عليها ، وليس في الحديث أي منع منه .
وقد سبق تقرير ذلك في جواب السؤال رقم (34750)
.
ثالثا :
والمسلم الصادق يحمل دعوته معه في كل مكان ، فإذا كان وضع سكن
الطالبات على ما وصفت من البعد عن الاستقامة ، فلتحرص أختك على نشر الخير فيه ،
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولتسع في الإصلاح بقدر ما تستطيع ، وبهذا تبرأ
ذمتها أمام الله تعالى .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله السؤال التالي “مجموع الفتاوى”
(7/274) :
إنني فتاة أسكن في السكن الداخلي مع الطالبات ، وقد هداني الله
إلى الحق ، وأصبحت متمسكة به ولله الحمد ، لكنني متضايقة جدا مما أرى حولي من بعض
المعاصي والمنكرات ، خصوصا من بعض زميلاتي الطالبات : كسماع الأغاني ، والغيبة
والنميمة ، وقد نصحتهن كثيرا ولكن بعضهن يهزأ بي ويسخر مني ويقلن : إنني معقدة .
ماذا أعمل جزاكم الله خيرا ؟
فأجاب رحمه الله :
” الواجب عليك إنكار المنكر حسب الطاقة بالكلام الطيب والرفق
وحسن الأسلوب ، مع ذكر الآيات والأحاديث الواردة في ذلك حسب علمك ، ولا تشاركيهن في
الأغاني ولا في الغيبة ولا في غيرها من الأقوال والأفعال المحرمة ، واعتزليهن حسب
الإمكان حتى يخضن في حديث آخر لقول الله سبحانه : ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ
يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ
غَيْرِهِ ) الآية . ومتى أنكرت بلسانك حسب الطاقة واعتزلت
عملهن لم يضرك فعلهن ولا عيبهن لك ، كما قال الله سبحانه : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا
اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ
تَعْمَلُونَ ) فأبان سبحانه أن المؤمن لا يضره من ضل إذا لزم الحق واستقام على
الهدى ، وذلك بإنكار المنكر ، والثبات على الحق ، وحسن الدعوة إليه ، وسيجعل الله
لك فرجا ومخرجا ، وسينفعهن الله بإرشادك إذا صبرت واحتسبت إن شاء الله ، وأبشري
بالخير العظيم والعاقبة الحميدة ما دمت ثابتة على الحق منكرة لما خالفه كما قال
الله سبحانه : ( وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) وقال عز وجل : ( فَاصْبِرْ إِنَّ
الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ) وقال سبحانه : ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا
لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ )
وفقك الله لما يرضيه ، ومنحك الصبر والثبات ، ووفق أخواتك وأهلك
وزميلاتك لما يحبه ويرضاه إنه سميع قريب ، وهو الهادي إلى سواء السبيل ”
انتهى .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة