0 / 0

الصلاة على الميت بعد دفنه بسنوات

السؤال: 90030

لي جدة توفيت ولم أصل عليها ، وأنا في نفس المدينة ، حيث دفنوها قبل حضوري لهم ، وهي الآن متوفية منذ 3 سنوات . فهل علي شيء ؟.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

يبدو من سؤالك أنك تشعر بالتقصير تجاه جدتك ، فإذا كنت في المدينة نفسها وتتمكن من إدراك صلاة الجنازة والدفن فلماذا لم تفعل ؟ وأي عذر منعك عن شهود خير ما يمكن أن تبر به جدتك في مماتها ، بالصلاة عليها والدعاء والاستغفار لها !

والأجداد والجدات يجب برهم والإحسان إليهم كالوالدين .

جاء في "الموسوعة الفقهية" (16/133) :

" الجد والجدة كالأبوين في البر " انتهى بتصرف .

وأمامك فرصة لتعويض ما فاتك إن شاء الله ، إذ يمكنك أن تذهب فتصلي على قبرها صلاة الجنازة ، فقد ذهب الإمام الشافعي وغيره إلى جواز الصلاة على الميت في قبره ، ويدل على ذلك :

ما رواه البخاري (458) ومسلم (956) أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى على امرأة في قبرها ، كانت تنظف المسجد ، وكان الصحابة قد دفنوها من غير أن يخبروا الرسول صلى الله عليه وسلم بموتها .

وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقَبْرٍ قَدْ دُفِنَ لَيْلا ، فَقَالَ : مَتَى دُفِنَ هَذَا ؟ قَالُوا : الْبَارِحَةَ . قَالَ : أَفَلا آذَنْتُمُونِي !؟ قَالُوا : دَفَنَّاهُ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ فَكَرِهْنَا أَنْ نُوقِظَكَ . فَقَامَ فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَنَا فِيهِمْ فَصَلَّى عَلَيْهِ ) رواه البخاري (1321) .

وعن يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه : ( أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَرَأَى قَبْرًا جَدِيدًا ، فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ قَالُوا : هَذِهِ فُلانَةُ ، مَوْلاةُ بَنِي فُلَانٍ ، فَعَرَفَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مَاتَتْ ظُهْرًا وَأَنْتَ نَائِمٌ قَائِلٌ (أي : في القيلولة) فَلَمْ نُحِبَّ أَنْ نُوقِظَكَ بِهَا ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَّ النَّاسَ خَلْفَهُ ، وَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا ، ثُمَّ قَالَ : لا يَمُوتُ فِيكُمْ مَيِّتٌ مَا دُمْتُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ إِلا آذَنْتُمُونِي بِهِ ؛ فَإِنَّ صَلاتِي لَهُ رَحْمَةٌ ) رواه النسائي (2022) وحسنه ابن عبد البر في "التمهيد" (6/271) وصححه الألباني في صحيح النسائي .

وقد روى ابن أبي شيبة في "المصنف" (3/239) مجموعة من الآثار عن الصحابة والتابعين ممن صلوا على القبور بعد الدفن : منهم عائشة رضي الله عنها حين صلت على قبر أخيها عبد الرحمن ، وابن عمر صلى على قبر أخيه عاصم ، وسليمان بن ربيعة وابن سيرين وغيرهم . وكذلك ذكره ابن حزم في "المحلى" (3/366) عن أنس وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم جميعا .

ومنع بعض الفقهاء من الصلاة على القبر مطلقا ، وبعضهم قيده بشهر أو ثلاثة أيام ، ولكن ليس هناك دليل على هذا التقييد .

قال ابن حزم رحمه الله "المحلى" (3/366) :

" أما أمر تحديد الصلاة بشهر أو ثلاثة أيام فخطأ لا يشكل ، لأنه تحديد بلا دليل " انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (5/436) :

" والصحيح أنه نصلي على القبر ولو بعد شهر ، إلا أن بعض العلماء قيده بقيد حسن ، قال : بشرط أن يكون هذا المدفون مات في زمن يكون فيه هذا المصلي أهلا للصلاة .

مثال ذلك : رجل مات قبل عشرين سنة ، فخرج إنسان وصلى عليه وله ثلاثون سنة ، فيصح ؛ لأنه عندما مات كان للمصلي عشر سنوات ، فهو من أهل الصلاة على الميت .

مثال آخر : رجل مات قبل ثلاثين سنة ، فخرج إنسان وصلى عليه وله عشرون سنة ليصلي عليه ، فلا يصح ؛ لأن المصلي كان معدوما عندما مات الرجل ، فليس من أهل الصلاة عليه .

ومن ثَمَّ لا يشرع لنا نحن أن نصلي على قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وما علمنا أن أحدا من الناس قال : إنه يشرع أن يصلي الإنسان على قبر النبي صلى الله عليه وسلم أو على قبور الصحابة ، لكن يقف ويدعو " انتهى .

وللتوسع في المسألة انظر : "الأم" (1/452) ، "المجموع" (5/208-210) ، "المغني" (2/194-195) ، "بدائع الصنائع" (1/315) ، "الموسوعة الفقهية" (16/35) .

كما أن البر لا يتوقف على حياة الوالدين وكذا الجَدَّين ، بل يستمر بعد وفاتهما ، وأعظم ما يمكن أن يبر به المرء والديه الدعاء لهما والاستغفار لهما .

عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ السَّاعِدِيِّ قَالَ : ( بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! هَلْ بَقِيَ مِنْ بِرِّ أَبَوَيَّ شَيْءٌ أَبَرُّهُمَا بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، الصَّلاةُ عَلَيْهِمَا ، وَالاسْتِغْفَارُ لَهُمَا ، وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا مِنْ بَعْدِهِمَا ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لا تُوصَلُ إِلا بِهِمَا ، وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا ) رواه أبو داود (5142) وحسنه ابن العربي في "عارضة الأحوذي" (4/307) وصححه الشيخ ابن باز في "مجموع الفتاوى" (9/295) .

قال صاحب "عون المعبود" (14/36) :

" ( الصلاة عليهما ) أي : الدعاء ، ومنه صلاة الجنازة ، قاله القارىء ، وفي فتح الودود : والمراد بها الترحم " انتهى .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android