حكم الشراء من البوفيه المفتوح (حتى الشبع)
السؤال: 91480
ما حكم الشراء من مطاعم البوفيه المفتوح ؟ إذ إن المشتري يدفع قيمة معينة ويأكل مقدارا من الأكل غير معلوم لا من قبل البائع ولا المشتري وإنما محدد بالشبع ، فهل هذا البيع من بيوع الغرر؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
روى مسلم (1513) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله
عليه وسلم نهى عن بيع الغرر .
والغرر في اللغة هو الخطر الذي لا يُدْرى أيكون أم لا ؟ كبيع
السمك في الماء ، والطير في الهواء ، فإن ذلك قد يحصل للمشتري وقد لا يحصل .
قال الأزهري : ويدخل في بيع الغرر البيوع المجهولة .
“معجم مقاييس اللغة” (4/380 – 381 ) ، “لسان العرب” (6/317) .
وقال النووي في “شرح مسلم” :
” وَأَمَّا النَّهْي عَنْ بَيْع الْغَرَر فَهُوَ أَصْل عَظِيم
مِنْ أُصُول كِتَاب الْبُيُوع , وَيَدْخُل فِيهِ مَسَائِل كَثِيرَة غَيْر
مُنْحَصِرَة ، كبَيْعِ الْمَعْدُوم وَالْمَجْهُول وَبَيْع الْحَمْل فِي الْبَطْن ,
وَكُلّ هَذَا بَيْعه بَاطِل لأَنَّهُ غَرَر مِنْ غَيْر حَاجَة .
وَقَدْ يَحْتَمِل بَعْض الْغَرَر بَيْعًا إِذَا دَعَتْ إِلَيْهِ
حَاجَة كَالْجَهْلِ بِأَسَاسِ الدَّار وَكَمَا إِذَا بَاعَ الشَّاة الْحَامِل
وَاَلَّتِي فِي ضَرْعهَا لَبَن فَإِنَّهُ يَصِحّ اِلْبَيْعِ . وَكَذَلِكَ أَجْمَعَ
الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَاز أَشْيَاء فِيهَا غَرَر حَقِير , مِنْهَا أَنَّهُمْ
أَجْمَعُوا عَلَى صِحَّة بَيْع الْجُبَّة الْمَحْشُوَّة وَإِنْ لَمْ يُرَ حَشْوهَا
, وَلَوْ بِيعَ حَشْوهَا بِانْفِرَادِهِ لَمْ يَجُزْ . وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَاز
إِجَارَة الدَّار وَالدَّابَّة وَالثَّوْب وَنَحْو ذَلِكَ شَهْرًا مَعَ أَنَّ
الشَّهْر قَدْ يَكُون ثَلاثِينَ يَوْمًا وَقَدْ يَكُون تِسْعَة وَعِشْرِينَ .
وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَاز دُخُول الْحَمَّام بِالأُجْرَةِ مَعَ اِخْتِلاف النَّاس
فِي اِسْتِعْمَالهمْ الْمَاء وَفِي قَدْر مُكْثهمْ . وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَاز
الشُّرْب مِنْ السِّقَاء بِالْعِوَضِ مَعَ جَهَالَة قَدْر الْمَشْرُوب وَاخْتِلَاف
عَادَة الشَّارِبِينَ ” انتهى باختصار.
وجاء في الموسوعة الفقهية” (31/151) :
” يشترط في الغرر حتى يكون مؤثراً أن يكون كثيرا , أما إذا كان
الغرر يسيرا فإنه لا تأثير له على العقد . قال القرافي : الغرر والجهالة – أي في
البيع – ثلاثة أقسام : كثير ممتنع إجماعا , كالطير في الهواء , وقليل جائز إجماعا ,
كأساس الدار وقطن الجبة , ومتوسط اختلف فيه , هل يلحق بالأول أم بالثاني ؟
وقال ابن رشد الحفيد : الفقهاء متفقون على أن الغرر الكثير في
المبيعات لا يجوز ، وأن القليل يجوز ” انتهى .
ثانيا :
ما تفعله بعض المطاعم من تحديد ثمن معين للوجبة حتى الإشباع ـ
الذي يظهر ـ أنه من الغرر اليسير الذي لا يؤثر في صحة البيع ، وهو يشبه ما ذكره
النووي رحمه الله في كلامه السابق من دخول الحمام بأجرة معلومة ، مع عدم العلم
بكمية الماء المستعمل ، وكذلك الشرب من السقاء مع عدم العلم بكمية الماء .
لكن إذا كان الإنسان يعلم من نفسه أنه يأكل كثيراً خارجاً عن
المعتاد فإنه يجب عليه أن يذكر لهم ذلك ، لأن هذا يكون غررا كثيراً .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” مسألة : هناك محلات تبيع
الأطعمة تقول : ادفع عشرين ريالا والأكل حتى الشبع ؟
الجواب : الظاهر أن هذا يتسامح فيه ؛ لأن الوجبة معروفة ، وهذا
مما تتسامح فيه العادة ، ولكن لو عرف الإنسان من نفسه أنه أكول فيجب أن يشترط على
صاحب المطعم ؛ لأن الناس يختلفون ” انتهى من “الشرح الممتع” (4/322) ط. مركز
فجر.
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟