عندما ينتهي الشتاء أقوم بالتصدق بثيابي الشتوية ، حيث إني لا أعلم إن كنت أعيش للعام المقبل ، وعندما يحل الشتاء المقبل أقوم بالشراء مرة أخرى ، حيث إني ميسور ولله الحمد ، فهل فعلي صحيح ؟ وهل يوجد ما هو أصح منه ؟ وهل يعد ذلك إسرافاً بحيث أني ألبس دائما الجديد كل شتاء ؟
يتصدق بثيابه الشتوية بعد انتهاء الشتاء ، ويشتري غيرها في العام القادم
السؤال: 93213
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لا بأس أن يتصدق المسلم بثيابه كل عام ، ويشتري غيرها ، أو يبيعها ويتصدق بثمنها ، ولا يدخل هذا في الإسراف ، ولا التبذير إن كان الله تعالى قد وسَّع عليه في المال ، بل هذا أمر حسن ممدوح من صاحبه . قال الله تعالى : ( وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ) الإسراء/26-27 .
” قال ابن مسعود رضي الله عنه : التبذير: الإنفاق في غير حق ، وكذا قال ابن عباس رضي الله عنهما .
وقال مجاهد : لو أنفق إنسان ماله كله في الحق ، لم يكن مبذرًا ، ولو أنفق مُدًا في غير حقه كان تبذيرًا .
وقال قتادة: التبذير: النفقة في معصية الله تعالى ، وفي غير الحق ، وفي الفساد ” .
تفسيرابن كثير (5/68) .
وفي صحيح البخاري (73) ومسلم (816) عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : ” قَوْله : ( أَيْ : إِهْلَاكه , وَعَبَّرَ بِذَلِكَ لِيَدُلّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُبْقِي مِنْهُ شَيْئًا . وَكَمَّلَهُ بِقَوْلِهِ: ” فِي الْحَقّ “، أَيْ : فِي الطَّاعَات لِيُزِيلَ عَنْهُ إِيهَام الْإِسْرَاف الْمَذْمُوم .”
وقال القرطبي – رحمه الله – :
وروي عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب – شيخ مالك – رضي الله عنهم أنه كان يلبس كساء خزٍّ بخمسين ديناراً ، يلبسه في الشتاء ، فإذا كان في الصيف : تصدَّق به ، أو باعه فتصدق بثمنه ، وكان يلبس في الصيف ثوبين من متاع بمصر ممشقين – أي : مصبوغيْن بـ ” المشق ” ، وهو صبغ أحمر – ويقول : ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ) .
” تفسير القرطبي ” ( 7 / 195 ، 196 ) .
ثم إن ما ذكرته في سؤالك من أنك لا تعلم أنك لا تعيش إلى العام المقبل ، هو أمر تحمد عليه ؛ أعني : إذا عودت نفسك قِصَر الأمل في الدنيا ، وترك التعلق بها .
وفي صحيح البخاري (6416) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْكِبِي فَقَالَ : ( كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ )
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ : إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرْ الصَّبَاحَ ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرْ الْمَسَاءَ ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ . ٍ
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب