سؤالي يتعلق بوجوب الصيام مع الاختلاف في رؤية الهلال بين بلدين ، فقد غادرنا الأراضي السعودية بعد ثبوت دخول شهر رمضان ، ودخلنا الأراضي الأردنية – حيث نقيم – بعد ظهر ذلك اليوم ، ولم يكن قد ثبت دخول الشهر في الأردن ، مجموعة كبيرة من المسافرين لم تصم ذلك اليوم ، وذلك لعدم معرفتهم بالحكم الشرعي في ذلك ، فما الحكم ؟؟ هل يقضون صيام هذا اليوم ؟ والذين صاموا في ذلك اليوم من المسافرين فهل صيامهم صحيح ويكملون صيام الشهر مع الأردن حتى وإن بلغ عدد أيام صيامهم 31 يوما ؟.
صاموا ثم رجعوا إلى بلادهم ولم يدخل فيها شهر رمضان بعد
السؤال: 93432
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
سبق في جواب السؤال رقم (50487) أن مطالع الأهلة تختلف ، ومع اختلافها فلكل بلد رؤيته ، ولا يلزم الصوم برؤية الهلال في البلد الآخر .
ثانيا :
الذي يظهر– والله أعلم – أن من دخل عليه شهر رمضان في بلد فإنه يلزمه الصوم مع أهل ذلك البلد ، حتى لو انتقل في ذلك اليوم إلى بلد آخر لم يعلن فيه عن دخول الشهر بعدُ ، وذلك لأن صوم ذلك اليوم قد وجب عليه بدخول شهر رمضان عليه في البلد الأول ، لقول الله تعالى: ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)البقرة/185 . وهذا قد شهد الشهر فيلزمه الصيام .
ثالثا :
أما بالنسبة لأمر اعتبار عدد أيام الشهر ، والخلاف في هل يكمل رمضان على حساب البلد الأول ، أم على حساب البلد الذي انتقل إليه ؟
فالقاعدة التي يذكرها كثير من الفقهاء في هذا الباب هو أن للمنتقِل حكمَ البلد المنتقَلِ إليه ، كما في “المجموع” للنووي (6/274) ، فإذا أتم أهل البلد الثاني الصيام ثلاثين يوما صام معهم – ولو كان بالنسبة له هو اليوم الحادي والثلاثين – أما إن صاموا تسعة وعشرين يوما فلا إشكال حينئذ ، فإنه يكون قد أتم بذلك ثلاثين يوما ، والشهر يكون تسعة وعشرين ويكون ثلاثين .
قال النووي رحمه الله تعالى في “المجموع” (6/274) :
” لو شرع في الصوم في بلد ثم سافر إلي بلد بعيد لم يروا فيه الهلال حين رآه أهل البلد الأول فاستكمل ثلاثين من حين صام ( فإن قلنا ) لكل بلد حكم نفسه فوجهان ( أصحهما ) يلزمه الصوم معهم لأنه صار منهم .
ولو رأى الهلال في بلد ، وأصبح معيدا معهم فسارت به سفينة إلى بلد في حد البُعد فصادف أهلها صائمين ؟
قال الشيخ أبو محمد : يلزمه إمساك بقية يومه إذا قلنا لكل بلد حكم نفسه ” انتهى .
وجاء في “تحفة المحتاج” (3/383) لابن حجر الهيتمي رحمه الله قال :
” وإذا لم نوجب الصوم على أهل البلد الآخر لاختلاف مطالعهما ، فسافر إليه من بلد الرؤية إنسان ، فالأصح أنه يوافقهم في الصوم آخرا وإن أتم ثلاثين ؛ لأنه بالانتقال إليه صار مثلهم ” انتهى .
وجاء في “الإنصاف” من كتب الحنابلة (3/273) :
” قال في الرعاية الكبرى : لو سافر من بلد لرؤية ليلة الجمعة إلى بلد لرؤية ليلة السبت فبعد ، وتم شهره ولم يروا الهلال ، صام معهم ” انتهى .
وقد سبق في موقعنا نقل فتاوى كثير من العلماء المعاصرين في تقرير هذا الحكم أيضا ، انظر جواب السؤال رقم (38101) ، (45545) ، (71203)
فيتحصل مما سبق أن الصواب كان مع من صام وأكمل صيام اليوم الأول من رمضان ، لأنكم كنتم في بلد ثبت فيها رؤية الهلال ذلك اليوم ، فوجب عليكم صيامه ، حتى لو دخلتم بلادكم – التي لم يعلن فيها الصيام – أثناء ذلك اليوم .
ثم لما انتقلتم إلى بلدكم الذي تأخر يوما عن صيام البلد الأول وجب عليكم الالتزام بصيام الناس فيه ، حتى لو بلغت الأيام التي صمتموها واحدا وثلاثين يوما .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة