أنا من أقليات المسلمين ، وكان عندنا حفل لاستلام الشهادات الجامعية ، واستشكل عَلَيَّ أمران هما :
– في ذاك الحفل حضر الرهبان البوذيون يدعون ويذكرون – كما في ديانتهم – ليباركوا الحفل كعادةٍ في بلادنا ، فما حكم الحضور إلى ذاك الحفل ؟ وهل الحضور إليه مما يهين ديننا الإسلام ؟
– إذا كان ابتدأ وقت الحفل قبيل الظهر ، وانتهى بعد العصر ، وهذا مما يؤدي إلى فوات صلاة الظهر ، فهل يجوز لنا صلاة الجمع بين الظهر والعصر تأخيراً ، أو عدم جواز الحضور إلى ذاك الحفل أصلاً ؟
هل يحضر حفل تخرجه من الجامعة الذي يرعاه البوذيون؟
السؤال: 97014
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
نسأل الله تعالى أن يبارك لك تخرجك وينفع بك المسلمين .
في مواسم تخرج الطلاب تجتمع فرحة الطالب بتخرجه ، وفرحة الأهل بابنهم ونجاحه ، وذلك من نعم الله تعالى على عباده ، وعظيم فضله ومنته .
فالواجب شكر هذه النعمة ، ومراعاة حق الله تعالى فيها ، والوقوف عند حدوده وشرعه ، إلا أننا نرى – وللأسف الشديد – الكثير من المخالفات والمعاصي التي تقع في حفلات تخريج الطلاب ، حتى غدت عادة لا تنفك عنها صورة التخرج في واقع الناس وعرفهم ، ومن ذلك :
1. الاحتفال على أنغام المعازف ، وغالبا ما تحضر الفرق الموسيقية الكبيرة ، فهي ركن رئيس من أركان أكثر الاحتفالات .
وحكم استماع المعازف في شريعة الإسلام التحريم ، حتى نقل بعض أهل العلم الاتفاق عليه ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال (5000 ) .
2. اختلاط الطلاب بالطالبات ، وجلوسهم في مكان واحد ، ودخولهم وخروجهم في صف واحد ، واختلاط الرجال بالنساء الحضور ، وفيهم المتبرجة والمتعطرة ومن لا يمنعها الحياء عن التعبير عن فرحها بما لا يليق من صياح أو حركة مضطربة أو تصفيق وتصفير أو مصافحة رجال ونحو ذلك من المنكرات التي يسوق إليها الاختلاط المحرم .
3. أما لباس التخرج – أو ” بدلة التخرج ” – المعروف اليوم ، تلك العباءة السوداء مع غطاء رأس أسطواني له قمة مربعة ، فهي مِن ألبسة الكفار التي تميزوا بها ، ثم نقلت إلينا ، وذكر بعض أهل العلم أنها مأخوذة عن ألبسة الرهبان والقساوسة النصارى في بعض العصور ، لذلك أفتوا بتحريم لبسها .
قال الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله :
“والمناقِش يأتي وقد ارتدى الجبة أو العباءة السوداء ، وهذا تقليد كنسي في مناقشة الرسائل ، يجب على أهل العلم والإيمان مخالفتهم فيه” انتهى .
” المجموعة العلمية ” ( رسالة التعالم ، ص 89 ) .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
“يحرم على المسلمين التشبه بالكفار بألبستهم الخاصة بهم ، سواء كان الكفار من اليهود أو النصارى أو غيرهم ؛ لعموم الأدلة من الكتاب والسنَّة التي تنهى عن التشبه بهم ، ومن ذلك ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) أخرجه الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى على عبد الله بن عمرو ثوبين معصفرين : ( إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها ) خرجه مسلم في صحيحه ، وثبت في صحيح مسلم : أن عمر رضي الله عنه كتب كتابا إلى عامله بأذربيجان عتبة بن فرقد رضي الله عنه ، وفيه : ( وإياكم والتنعم وزي أهل الشرك ولبوس الحرير ) .
وبناء على ذلك ؛ فلا يجوز لبس ما يسمى بـ ( الروب ) عند التخرج من مدرسة أو معهد أو كلية ؛ لأنه من ألبسة النصارى ، وعلى المسلم أن يعتز بدينه واتباعه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا يلتفت إلى تقليد من غضب الله عليهم وأضلهم من اليهود ، والنصارى ، وغيرهم” انتهى .
” فتاوى اللجنة الدائمة ” ( 24 / 26 ، 27 ) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء ـ أيضاً :
في الجامعات الأمريكية تقليد ، عندما يتخرج الطلاب يلبسون بدلة تسمى : بدلة التخرج ، وهو عبارة عن ملاءة تشبه العباءة العربية ، وغطاء للرأس على شكل معين ، ويقال : إن هذا الزي كان زيا لرهبانهم في السابق ، فهل يجوز عند مشاركة الطالب المسلم في هذا الاحتفال أن يلبس هذا اللباس ؟
فأجابوا :
“لا يجوز للطالب أن يلبس هذا اللباس إذا كان من لباسهم الخاص بهم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) ويتأكد المنع إذا ثبت أنه من شعار رهبانهم” انتهى .
” فتاوى اللجنة الدائمة ” ( 24 / 98 ) .
4. ومن أعظم المنكرات التي تلاحظ في هذه الاحتفالات : إضاعة الصلوات ، حيث يطول الاحتفال لبضع ساعات ، يتخللها بعض أوقات الصلوات ، ثم لا ترى من الناس أو من الطلاب أو من القائمين على الحفل من يقوم ليحفظ لله حقه ويؤدي فرضه ، ولا يرعون أذانا ولا نداءً ولا ذِكراً ، ينسون حق الله تعالى ، وينشغلون بدنيا زائلة ، وحفنة من الملذات قليلة ، وعَمُوا عن قوله تعالى : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ) مريم/ 59 .
قال ابن مسعود : ليس معنى أضاعوها : تركوها بالكلية ، ولكن أخروها عن أوقاتها .
وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله :
“الكبيرة السابعة والسبعون : تعمد تأخير الصلاة عن وقتها ، أو تقديمها عليه من غير عذر” انتهى .
” الزواجر عن اقتراف الكبائر ” ( 1 / 220 ، 221 ) .
وحضور البوذيين هذه الاحتفالات وقيامهم ببعض الطقوس الدينية لمباركة الحفل! زعموا! منكر أخر ، وأي بركة تنزل بالشرك بالله تعالى والكفر به ، ولا يجوز لك الحضور في مكان يشرك فيه بالله تعالى إلا إذا كنت مضطراً مكرهاً على ذلك ، قال الله تعالى : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا) النساء/140 .
وعلى هذا ، فحضور هذا الحفل محرم ، وإذا كان محرماً فلا يكون عذراً للجمع بين صلاتي الظهر والعصر .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة