إذا كان لا يصح بيع الطفل إلا في الشيء اليسير ، فما ضابط الشيء اليسير ؟
حكم بيع الصبي
السؤال: 97489
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
اختلف الفقهاء في صحة بيع الصبي وشرائه ، فمنهم من صحح ذلك بإذن الولي ، ومنهم من لم يصححه سواء أذن الولي أو لم يأذن ، ومنهم من أجاز تصرفه في الشيء اليسير بدون إذن وليه .
قال في “المجموع” (9/185) مبينا مذاهب العلماء في ذلك : ” فرع في مذاهب العلماء في بيع الصبي المميز : قد ذكرنا أن مذهبنا أنه لا يصح سواء أذن له الولي أم لا , وبه قال أبو ثور .
وقال الثوري وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق : يصح بيعه وشراؤه بإذن وليه . وعن أبي حنيفة رواية أنه يجوز بغير إذنه ويقف على إجازة الولي , قال ابن المنذر : وأجاز أحمد وإسحاق بيعه وشراءه في الشيء اليسير يعني بلا إذن ” انتهى.
وقال ابن قدامة في “المغني” (4/168) : ” ويصح تصرف الصبي المميز بالبيع والشراء , فيما أذن له الولي فيه ، في إحدى الروايتين . وهو قول أبي حنيفة .
والثانية : لا يصح حتى يبلغ . وهو قول الشافعي ; لأنه غير مكلف , أشبه غير المميز . ولأن العقل لا يمكن الوقوف منه على الحد الذي يصلح به التصرف ; لخفائه , وتزايده تزايدا خفي التدريج , فجعل الشارع له ضابطا , وهو البلوغ , فلا يثبت له أحكام العقلاء قبل وجود المظنة .
ولنا : قول الله تعالى : ( وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ) . ومعناه ; اختبروهم لتعلموا رشدهم . وإنما يتحقق اختبارهم بتفويض التصرف إليهم من البيع والشراء ; ليعلم هل يُغبن أو لا . ولأنه عاقل مميز , محجور عليه , فصح تصرفه بإذن وليه , كالعبد . وفارق غير المميز , فإنه لا تحصل المصلحة بتصرفه ; لعدم تمييزه ومعرفته , ولا حاجة إلى اختباره ; لأنه قد علم حاله .
وقولهم : إن العقل لا يمكن الاطلاع عليه . قلنا : يعلم ذلك بآثار وجريان تصرفاته على وفق المصلحة , كما يعلم في حق البالغ , فإن معرفة رشده , شرط دفع ماله إليه , وصحة تصرفه , كذا هاهنا .
فأما إن تصرف بغير إذن وليه , لم يصح تصرفه . ويحتمل أن يصح , ويقف على إجازة الولي . وهو قول أبي حنيفة …
وأما غير المميز , فلا يصح تصرفه , وإن أذن له الولي فيه , إلا في الشيء اليسير , كما روي عن أبي الدرداء , أنه اشترى من صبي عصفورا , فأرسله . ذكره ابن أبي موسى “انتهى .
والحاصل أن الصبي يصح تصرفه بالبيع والشراء في حالين :
الأول : أن يكون في الشيء اليسير ، فيصح منه ولو كان دون التمييز .
الثاني: أن يكون بإذن وليه .
والشيء اليسير كالرغيف ، وقطعة الحلوى ، ونحو ذلك .
قال في “مطالب أولي النهى” (3/10) : ” ( إلا في ) شيء ( يسير ) ; كرغيف , وحزمة بقل , وقطعة حلوى ونحوها … وإلا ( إذا أذن لمميز وسفيه وليهما ) ; فيصح – ولو في الكثير – لقوله تعالى : وابتلوا اليتامى ( ويحرم ) إذن ولي لهما بالتصرف في مالهما ( بلا مصلحة ) ; لأنه إضاعة ” انتهى .
وما ذكره في اليسير إنما هو على سبيل التمثيل لا الحصر ، وإنما يرجع في ضبط ذلك إلى العرف ، فما تعارف الناس على أنه يسير ، وجرت العادة بأن يشتري الصبيان مثله ، فهو اليسير الذي يرخص للصبيان في شرائه .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب