0 / 0
76,25213/04/2007

حكم استعمال المواد المضاف إليها مادة ” الجليسرين الحيواني “

السؤال: 97541

ما حكم استعمال المواد المضاف إليها مادة " الجليسرين الحيواني " كمعاجين الأسنان ، والشامبو ، ومرطبات الجسم ، وكذلك مادة " المونو جليسرايد " أو " الداي جليسرايد " التي تضاف إلى بعض أنواع الخبز ؟ وهل الأصل أن يبحث أو يسأل الإنسان عن مصدر هذه المواد هل هو حيواني أم نباتي ؟ وهل يعتبر البحث من التكلف ؟ وكيف نرد على من يقول إن الأصل في الشيء الإباحة ما لم يخالطه محرم ، أو من يقول إن الدين يسر ، ولا ينبغي التكلف أو السؤال ؟ .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
المواد التي تستعمل في صناعة الكريمات ، والشامبو ، ومعاجين الأسنان ، والصابون : إما أن تكون :
1. أدهان وشحوم حيوانات .
2. وإما أن تكون مواد أخرى نباتية أو مواد صناعية .
وفي حال كون المواد من شحوم وأدهان حيوانات فهي على نوعين :
أ. إما أن تكون من حيوانات مباحة الأكل ، وتكون قد ذُبحت وفق الشرع ، أو تكون حيوانات بحريَّة لا تحتاج لتذكية ، وحكمها هنا : الإباحة ، دون شك وريب .
ب. أو تكون من حيوانات يحرم أكل لحومها وشحومها ، كالخنزير ، أو تكون من مباحة الأكل لكن لم تذكَّ التذكية الشرعية ، فتكون ميتة ، وحكمها هنا جميعها : التحريم ، دون شك وريب .
قال علماء اللجنة الدائمة :
إذا تأكد المسلم أو غلب على ظنه أن لحم الخنزير أو شحمه أو مسحوق عظمه دخل منه شيء في طعام أو دواء أو معجون أسنان أو نحو ذلك : فلا يجوز له أكله ، ولا شربه ، ولا الادهان به ، وما يشك فيه : فإنه يدعه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 22 / 281 ) .
ومن قرارات " المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية " – وقد بحثت موضوع " المواد المحرمة والنجسة في الغذاء والدواء " بدولة الكويت ، وذلك في الفترة من
22 – 24 من شهر ذي الحجة 1415هـ الموافق 22 – 24 من شهر مايو 1995 – :
6. المواد الغذائية التي يدخل شحم الخنزير في تركيبها دون استحالة عينه ، مثل بعض الأجبان ، وبعض أنواع الزيت ، والدهن ، والسمن ، والزبد ، وبعض أنواع البسكويت ، والشكولاته ، والآيس كريم : هي محرمة ، ولا يحل أكلها مطلقاً ؛ اعتباراً لإجماع أهل العلم على نجاسة شحم الخنزير ، وعدم حل أكله ؛ ولانتفاء الاضطرار إلى تناول هذه المواد .
انتهى
ثانياً:
قد تصير حلالاً في حال أن تستحيل الشحوم والأدهان إلى شيء آخر غيرهما ، فلا تأخذ هذه المادة اسم الشحوم والأدهان ولا تكتسب صفتهما ، فإن كان الأمر كذلك : فإنها لا تأخذ حكمهما ، وهو ما يسميه العلماء " الاستحالة " ، وهو معتبر من الجهتين ، فما كان طيباً حلالاً وصار نجساً خبيثاً : فإنه يصير محرَّماً ، وما كان نجساً خبيثاً وصار حلالاً طيباً : فإنه يصير مباحاً حلالاً .
قال ابن القيم :
وعلى هذا الأصل : فطهارة الخمر بالاستحالة على وفق القياس ؛ فإنها نجسة ؛ لوصف الخبث ، فإذا زال الموجِب : زال الموجَب ، وهذا أصل الشريعة في مصادرها ، ومواردها ، بل وأصل الثواب ، والعقاب .
وعلى هذا : فالقياس الصحيح : تعدية ذلك إلى سائر النجاسات إذا استحالت ، وقد " نبش النبي صلى الله عليه وسلم قبورَ المشركين من موضع مسجده " ولم ينقل التراب ، وقد أخبر الله سبحانه عن اللَّبَن أنه ( يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ ) ، وقد أجمع المسلمون على أن الدابة إذا علفت بالنجاسة ، ثم حبست ، وعلفت بالطاهرات : حلَّ لبنُها ، ولحمها ، وكذلك الزرع والثمار إذا سُقيَت بالماء النجس ، ثم سقيت بالطاهر : حلَّت ؛ لاستحالة وصف الخبث ، وتبدله بالطيب ، وعكس هذا أن الطيب إذا استحال خبيثاً : صار نجساً ، كالماء ، والطعام إذا استحال بوْلاً ، وعذرة ، فكيف أثَّرت الاستحالة في انقلاب الطيب خبيثاً ولم تؤثر في انقلاب الخبيث طيبا ، والله تعالى يخرج الطيب من الخبيث والخبيث من الطيب ؟! .
ولا عبرة بالأصل ، بل بوصف الشيء نفسه ، ومن الممتنع بقاء حكم الخبث وقد زال اسمه ووصفه ، والحكم تابع للاسم والوصف ، دائرٌ معه وجوداً وعدماً ، فالنصوص المتناولة لتحريم الميتة والدم ولحم الخنزير والخمر لا تتناول الزرع والثمار والرماد والملح والتراب والخل ، لا لفظاً ، ولا معنىً ، ولا نصّاً ، ولا قياساً ، والمفرِّقون بين استحالة الخمر وغيرها قالوا : الخمر نجست بالاستحالة فطهرت بالاستحالة ، فيقال لهم : وهكذا الدم والبول والعذرة إنما نجست بالاستحالة ، فتطهر بالاستحالة ، فظهر أن القياس مع النصوص ، وأن مخالفة القياس في الأقوال التي تخالف النصوص .
" إعلام الموقعين " ( 2 / ص 14 ، 15 ) .
ومن قرارات " المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية " – وقد بحثت موضوع " المواد المحرمة والنجسة في الغذاء والدواء " بدولة الكويت ، وذلك في الفترة من
22 – 24 من شهر ذي الحجة 1415هـ الموافق 22 – 24 من شهر مايو 1995 – :
8. الاستحالة التي تعني انقلاب العين إلى عين أخرى تغايرها في صفاتها ، تحوِّل المواد النجسة أو المتنجسة إلى مواد طاهرة ، وتحوِّل المواد المحرمة إلى مواد مباحة شرعاً .
وبناءً على ذلك :
-الصابون الذي يُنتج من استحالة شحم الخنزير أو الميتة يصير طاهراً بتلك الاستحالة ويجوز استعماله .
– الجبن المنعقد بفعل إنفحة ميتة الحيوان المأكول اللحم طاهر ويجوز تناوله .
– المراهم والكريمات ومواد التجميل التي يدخل في تركيبها شحم الخنزير لا يجوز استعمالها إلا إذا تحققت فيها استحالة الشحم وانقلاب عينه . أما إذا لم يتحقق ذلك فهي نجسة .
انتهى
وللرجوع إلى كامل القرارات والتوصيات : ينظر :
http://islamport.com/w/fqh/Web/1272/4494.htm

ثالثاً:
إذا لم يُعلم شيء عن الحيوانات المباحة الأكل التي تحتاج لتذكية لتصير حلالاً أنها ذُبحت وفق الشرع أم لا : فالأصل هو عدم الاستعمال ؛ لأن الأصل في الذبائح هو التحريم ، ما لم يتبين حلُّها ، وقد منع النبي صلى الله عليه وسلم من الأكل من الصيد يغرق في الماء ؛ لأنه لا يُدرى هل مات من الصيد أم من الغرق ، ومنع صلى الله عليه وسلم من الأكل من صيد كلبٍ أرسله صاحبه وذكر اسم الله عند إرساله ، لكنه وجده مع كلاب أخرى ، وعلل ذلك بكونه لا يُدرى من صاده كلبُه أم غيره .
عن عدي بنِ حاتم رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ( إِذَا أرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَسَمَّيْتَ ؛ فَأمْسَكَ وَقَتَلَ : فَكُلْ ، وَإِنْ أكَلَ : فَلاَ تَأكُلْ ، فَإِنَّمَا أمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ ، وَإِذَا خَالَطَ كِلاَباً لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهَا ، فَأمْسَكْنَ ، وَقَتَلْنَ : فَلاَ تَأكُلْ ؛ فَإِنَّكَ لاَ تَدْرِي أيُّهَا قَتَلَ ، وَإِنْ رَمَيْتَ الصَّيْدَ فَوَجَدْتَهُ بَعْدَ يَوْمٍ أوْ يَوْمَيْنِ لَيْسَ بِهِ إِلاَّ أثَرَ سَهْمِكَ : فَكُلْ ، وَإِنْ وَقَعَ في الماءِ : فَلاَ تَأكُلْ ) .
رواه البخاري ( 5167 ) ومسلم ( 1929 ) .
قال ابن القيم – رحمه الله – :
ثم النوع الثاني : استصحاب الوصف المُثْبِت للحُكم ، حتى يثبت خلافه ، وهو حجة ، كاستصحاب حكم الطهارة ، وحكم الحدث ، واستصحاب بقاء النكاح ، وبقاء المِلك ، وشغل الذمة بما تشغل به ، حتى يثبت خلاف ذلك ، وقد دل الشارع على تعليق الحكم به في قوله في الصيد ( وإن وجدته غريقاً فلا تأكله ؛ فإنك لا تدري الماءُ قتله أو سهمك ) ، وقوله ( وإن خالطها كلاب من غيرها فلا تأكل ؛ فإنك إنما سميت على كلبك ولم تسمِّ على غيره ) .
لمَّا كان الأصل في الذبائح : التحريم ، وشك هل وجد الشرط المبيح أم لا : بقي الصيد على أصله في التحريم .
" إعلام الموقعين " ( 1 / 339 ، 340 ) .
رابعاً:
في حال كون المواد صناعية أو نباتية : فإنه يجوز استعمالها في تلك المصنوعات إلا في حال أن تكون ضارَّة أو سامَّة ، إما بذاتها أو باجتماعها مع غيرها من المواد .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :
تحمير الشفاه لا بأس به ؛ لأن الأصل الحل ، حتى يتبين التحريم ، … ولكن إن تبين أنه مضر للشفة ، ينشفها ويزيل عنها الرطوبة والدهنية : فإنه في مثل هذه الحال ينهى عنه ، وقد
أُخبرت أنه ربما تتشقق الشفاة منه ، فإذ ثبت هذا : فإن الإنسان منهي عن فعل ما يضره .
فتاوى منار الإسلام ( 3 / 831 ) .
خامساً:
يجب على المسلم التحري لطعامه وشرابه ولباسه وسائر شئون حياته ، فيتحرى أن يكون ماله حلالاً طيباً ، ويتحرى أن يكون ما يأكله ويشربه مما أباحه له ربه تعالى ، ويتحرى في سائر شئون حياته أن لا يخالف في شيء منها الكتاب والسنَّة .
وينبغي التفريق بين المواد المستعملة في الحياة وبين الذبائح ، فالأصل في الأولى الإباحة إلا أن يثبت عكس ذلك ، والأصل في الذبائح أنها محرمة – كما سبق في كلام ابن القيم – إلا أن يثبت عكس ذلك .
قال علماء اللجنة الدائمة – وقد سئلوا عن وجود شحم خنزير في بعض أنواع الصابون ومعاجين الأسنان – :
لم يصلنا من طريق موثوق أن بعض آلات التنظيف يوجد فيها شيء من شحم الخنزير كصابون " كاماي " وصابون " بالموليف " ومعجون الأسنان " كولكيت " ، وإنما يبلغنا عن ذلك مجرد إشاعات .
ثانياً : الأصل في مثل هذه الأشياء الطهارة ، وحل الاستعمال ، حتى يثبت من طريق موثوق أنها خلطت بشحم الخنزير ، أو نحوه في النجاسة وتحريم الانتفاع به ، فعند ذلك يحرم استعمالها ، أما إذا لم يزد الخبر عن كونه إشاعة ، ولم يثبت : فلا يجب اجتناب استعمالها . ثالثاً : على من ثبت لديه خلط آلات التنظيف بشحم الخنزير أن يجتنب استعمالها ، وأن يغسل ما تلوث منها ، أما ما أداه من الصلوات أيام استعمال هذه الآلات : فليس عليه إعادته ، على الصحيح من أقوال العلماء .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 5 / 385 ، 386 ) .
وقالوا :
الجبن الصناعي الذي كثر القول فيه على أن فيه شحم الخنزير: فنحن لم يثبت عندنا أن فيه شحم خنزير ، والأصل في الأشياء الحل ، ومن تيقن أن فيه شحم خنزير أو غلب على ظنه : لا يجوز له استعماله .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 22 / 111 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
وجدنا بعض المنشورات تقول : إن بعض الصابون يصنع من شحم الخنزير ، فما رأيكم ؟ .
فأجاب :
أرى أن الأصل الحل ، في كل ما خلق الله لنا في الأرض ؛ لقول الله تعالى : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ) البقرة/29 ، فإذا ادَّعى أحدٌ أن هذا حرام لنجاسته ، أو غيرها : فعليه الدليل ، وأما أن نصدق بكل الأوهام ، وكل ما يُقال : فهذا لا أصل له ، فإذا قال : إن هذه الصابونة من شحم خنزير : قلنا له : هات الإثبات ، فإذا ثبت أن معظمها شحم خنزير أو دهن خنزير : وجب علينا تجنبها .
" لقاءات الباب المفتوح " ( 31 / السؤال رقم 10 ) .

والله أعلم

 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android