0 / 0

يريد أن يمنح ولده لأخته التي لا تنجب لتربيته

السؤال: 102037

أختي لا تنجب ، وقد بلغت 40 عاما ، فهل يجوز لي أن أمنحها أحد أبنائي الذكور ، مع الاحتفاظ بنسبته لي من حيث الاسم والمواريث والحقوق الأخرى ، فقط تربيه مع زوجها ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
نسأل الله تعالى أن يكرمك بالثواب الجزيل على صلتك لأختك وبرك بها ، ونسأله عز وجل أن يكتب لك الخير والسعادة في الدنيا والآخرة .
ثم نعلمك أخانا الفاضل بأن المحظور والمحرم في أمر الأنساب والأولاد هو نسبة الولد إلى غير أبيه ، واعتبار ذلك النسب الكاذب موجبا للأحكام الشرعية الأخرى من ميراث ونكاح وحقوق .
وبما أنك تنوي تجنب هذا المحذور ، فلا حرج عليك فيما دونه إن شاء الله تعالى ، فإذا رغبت أختك في تربية ولدك وإبقائه عندها ليملأ عليها وحشتها ، ويعوضها ما حُرمته من نعمة الولد ، فذلك أمر جائز إن شاء الله ، بل لك فيه الأجر والثواب عند الله .
ومن المعلوم أنه قد شرع التبني في أول الإسلام ، ثم جاءت النصوص المحكمة في تحريمه ، آمرة بنسبة الأولاد لآبائهم ، ومحرِّمة أن ينسب أحدٌ لغير أبيه ، وليس ذلك قطعاً للمودة والإخاء والعناية والرعاية .
وقد ذكر علماء اللجنة الدائمة للإفتاء أمر التبني وتحريمه في الشرع المطهَّر ، ثم قالوا :
” تبيِّن مما تقدم : أن القضاء على التبني ليس معناه القضاء على المعاني الإنسانية ، والحقوق الإسلامية ، من الإخاء ، والوداد ، والصلات ، والإحسان ، وكل ما يتصل بمعالي الأمور ، ويوحي بفعل المعروف :
أ. فللإنسان أن ينادي مَن هو أصغر منه سنّاً بقوله : ” يا بُني ” ، على سبيل التلطف معه ، والعطف عليه ، وإشعاره بالحنان ؛ ليأنس به ، ويسمع نصيحته ، أو يقضي له حاجته ، وله أن يدعو من هو أكبر منه سنّاً بقوله : ” يا أبي ” ؛ تكريماً له ، واستعطافاً ، لينال برَّه ، ونصحه ، وليكون عوناً له ، وليسود الأدب في المجتمع ، وتقوى الروابط بين أفراده ، وليحس الجميع بالأخوة الصادقة في الإنسانية ، والدين .
ب. لقد حثت الشريعة على التعاون على البر والتقوى ، وندبت الناس جميعاً إلى الوداد ، والإحسان ، قال الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/ 2 ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ) رواه أحمد ومسلم ، وقال : ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ) رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي .
ومن ذلك : تولي اليتامى ، والمساكين ، والعجزة عن الكسب ، ومن لا يعرف لهم آباء ، بالقيام عليهم ، وتربيتهم ، والإحسان إليهم ، حتى لا يكون في المجتمع بائس ، ولا مهمل ؛ خشية أن تصاب الأمة بغائلة سوء تربيته ، أو تمرده ، لما أحس به من قسوة المجتمع عليه وإهماله ، وعلى الحكومات الإسلامية إنشاء دور للعجزة ، واليتامى ، واللقطاء ، ومن لا عائل له ، ومن في حكمهم ، فإن لم يف بيت المال بحاجة أولئك : استعانت بالموسرين من الأمة ، قال صلى الله عليه وسلم : ( أيما مؤمن ترك مالاً فليرثه عصبته من كانوا ، ومن ترك ديْنا أو ضياعا فليأتني فأنا مولاه ) رواه البخاري ” انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
” فتاوى اللجنة الدائمة ” ( 20 / 357 – 359 ) .
ثانياً:
وننبهك إلى أمرين مهمين في هذا الشأن :
1. لا ينبغي لك تسمية هذا الفعل بـ ” المنحة ” أو ” الهدية ” أو ” الهبة ” ، فأنت لا تملك نفسك التي بين جنبيك فضلا عن ولدك ، والخلق كلهم خلق الله ، وهم عبيده سبحانه ، فلا يحق لأي مخلوق إهداء ما لا يملك ، وفاقد الشيء لا يعطيه .
لذلك نرى لك ولأختك وأهلك استعمال لفظ ” التربية ” أو ” العناية ” لتكون عمة الولد هي مربيته والمعتنية به ، وتكون أنت من دفع ابنه لأخته كي تعتني به وترعاه ، وليس على وجه الهبة والهدية .
2. أننا لا نرى أن تنقطع عن ابنك انقطاعاً تامّاً ، لتنساه وينساك ولا يطلبك ، بل عليك ألا تحرمه حق الأبوة الذي له عليك من الاهتمام بشأنه والسؤال عنه ، ليبقى حبل المودة الذي فطره الله في قلوب بني آدم متصلا على بعد السنين والمسافات ؛ لأننا نخشى إن طال زمانُ انقطاعكم وبعدكم عن ولدكم أن يُحدث ذلك في نفسه من الأذى والألم ما لم يكن في الحسبان ، وقد يتطور ذلك الشعور إلى قطيعة حقيقية أو اضطرابات نفسيه كنتم في غِنًى عنها ، والمصاب الأول بها هو هذا الابن .
كما قد تصير الأمور إلى العكس ، حين يبدأ الولد بالإدراك والتمييز ، فيرغب في الرجوع إلى الوالدين وإكمال المشوار في كنفهما ، مما يؤدي إلى الأذى البالغ لأختك التي ربته وتعلقت به وقضت سنوات طويلة في العناية به ورعايته ، ثم فجأة تفقد هذا الأمل الذي عاش معها وعاشت معه فترة طويلة .
فإن غلب على ظنك حصول هذه الآثار ، فلا ننصحك حينئذ بسلوك هذا الطريق ، وإن كنا لا نملك أن نحرم ونمنع – حيث لا دليل على المنع – إلا أن مراعاة دواخل النفوس ومكامن الضعف ضروري لتجنب وقوع الأذى والضرر .
نسأل الله تعالى لكم الخير والتوفيق .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android