0 / 0

عمل المحلِّل الرياضي والسياسي وغيرهما

السؤال: 102230

هناك بمحل عملي من يُدْعون بالمحللين الذين يقومون ببيع آرائهم مقابل الحصول على المال ، فهل هذه المتاجرة بالمواهب العقلية أخلاقية أم أنها تجر إثماً ؟ بما أنه عند إعطاء المحللين أموالاً كافية فإنهم يقومون بقول أي شيء أو التفكير فيه أو القيام به ؟ .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

تختلف نظرة الناس للأحداث من شخص لآخر ، وتتفاوت معلومات الناس من واحد لآخر ، وعلى ضوء المعلومات وفهم واقعها يكون التحليل لتلك المعلومات وذلك الواقع ، وقد كثرت الحاجة لمثل هؤلاء المحللين حتى أنشئت في كثير من الدول معاهد للأبحاث والدراسات ، ومهمتها الاطلاع على المعلومات المتوفرة ، وتحليل معانيها ، وتقدم هذه الدراسات للدول والمؤسسات السياسية – كالوزارات – ، ويستعان بمثل هؤلاء المحللين في القنوات الفضائية لإطلاع المشاهدين على آخر التطورات وتحليل واقعها .
وأما حكم عمل هؤلاء المحللين فإن ذلك يختلف تبعاً لطبيعة المادة التي يعكفون على تجميع معلوماتها وتحليل واقعها ، ويختلف – أيضاً – باختلاف فعلهم من حيث الظن والتخرص ، أو من حيث الجزم بوقوع شيء في المستقبل .
أما الناحية الأولى :
فلا ينبغي أن يعمل المسلم كمحلل ” رياضي ” أو ” فني ” ، ولا حرج في العمل كمحلل ” عسكري ” أو ” سياسي ” أو “اقتصادي”.
أما المحلل الرياضي : فإنه من يتتبع الألعاب الرياضية المختلفة ، ويدقق في أداء أصحابها ، ويجمع معلومات حول اللاعب وناديه وتاريخه ، ثم يخرج ليحلل أداء تلك الفرق ، وأولئك اللاعبين ، وقد عجبنا ممن خرج على الفضائيات واشتهر بتحليلاته الرياضية ، وقد رأيناه أضاع عمره في تتبع المباريات ، وأداء اللاعبين ، وإنه ليذهل السامع والمشاهد لما يسمعه ويشاهده من وفرة معلوماته في المباريات ، والأداءات ، والنجاحات للنوادي واللاعبين ، وكل ذلك في أمور لا تنفعه عند ربه تعالى ، ولا تعلي درجته ، ولا تكفر سيئاته ، ولو أنه استثمر طاقته وجهده في العلم النافع المفيد لصار أعجوبة !
وأما – في ” المحلل الفني ” ، وهو الذي يتابع الأفلام أو المسرحيات أو الأغاني – بحسب تخصصه – ثم يبدأ بتحليل نجاح ذلك ” الفيلم ” أو انتكاس تلك المسرحية ، ويحلل شخصية ذلك ” الفنان ” وتلك ” المغنية ” أو ” الراقصة ” ! فكم سيكتسب مثل هؤلاء من آثام وذنوب مقابل ما يسمعونه ويشاهدونه ؟! ثم يأتي التعظيم والمدح والثناء لأولئك الحثالات الذين فسدوا وأفسدوا ، وضلوا وأضلوا بذكر أحوالهم ، والدعوة للاقتداء بهم ، واتخاذهم مثلاً أعلى !
وأما ” المحلل العسكري ” و ” المحلل السياسي ” : فالأصل في أعمالهم الإباحة ، وهم الذين يدرسون تاريخ الدول ، والجيوش ، والمعارك ، ويقفون على حجم القوات العسكرية الغازية ، أو المغزوَّة ، وعلى واقع سياسات الدول وحكامها ، ثم يعطي الواحد منهم نظرته لحقيقة الصراع ، والنصح ، والإرشاد ، وتوقع ما يحصل .
وأما المحلل ” المالي ” أو ” الاقتصادي ” فيمكن أن يكون مباحاً إذا لم يكن يثني ويشجع على المساهمة في الشركات والمؤسسات الربوية أو ذات الأعمال المحرمة ، ويحرم إذا كان يشجع على ذلك .
وأما الناحية الثانية :
ففي الحالات الجائزة للعمل كمحلل : لا يجوز لأحدٍ من أولئك أن يجزم بوقوع حدثٍ معيَّن ؛ وذلك لأن هذا في علم الغيب ، ولا يعدو دوره أن يكون في تحليل واقع الحدث السياسي أو العسكري ، ثم تقديم النصح والتوجيه والإرشاد ، ولا يحل له الجزم بحصول حدثٍ ما في المستقبل ، وما أكثر ما رأينا بعض أولئك وقد جزم بانتصار ذلك الجيش ، أو سقوط ذلك السياسي ، ولم يحدث شيء مما قاله.
والمحلل لا يجوز له أن يعمل وفق نظرة غيره ممن يدفع له المال ، وإلا كان كاذباً ، أو شاهد زور ، فهو يتكلم وفق معلوماته وفهمه لها ، والأصل أن يكون بعيداً عن الإملاءات التي تخالف قناعاته ، ومن خالف هذا الأصل فإنه فاقد المصداقية ، ولم يعد يخفى على الناس مثل هذا الصنف من المحللين .
فأنت ترى أن المحلل له عمل ضخم يقوم به ، من القراءة ، والاطلاع ، والجمع للمعلومات ، وتحليلها ، ومتابعتها ، فإذا أخذ على ذلك أجراً : فهذا من المباح الحلال ، على أن يلتزم ما سبق ذكره من الصدق والأمانة .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android