بخصوص العمل ، فطبيعة الشركة التي أملكها تحتم أن تكون المكاتب فخمة جدّاً ، وتعكس طابع العمل ، وسيتم تجهيزها بمئات الألوف ، علماً بأن الغرض الأساسي من تلك الشركة هو أن أتمكن من التفرغ لطلب العلم ، فهل إن قمت بذلك يعد إسرافاً .
وإن كانت طبيعة العمل تحتم أن يلبس الشخص ملابس أنيقة جدّاً ( مثل البدل الأنيقة ، والغالية ، والساعة ، والحذاء الغالي .. الخ ) ، فما العمل ؟ علماً بأني قد أطلب ذلك من العاملين في الشركة لدي ، وقد أقوم بدفع بدلات لهم مقابل ذلك ، وكله بحكم طبيعة العمل .
حكم تأثيث المكاتب بأثاث فخم وهل يدخل في الإسراف ؟
السؤال: 105281
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً:
الذي يظهر لنا أن ما تنفقه الشركات على تأثيث مكاتبها ، والاهتمام بمظهرها وأناقتها : ليس فيه حرج لذاته ، إلا أنه يُجتنب في هذا أمور :
الأول : أن يكون في ذلك إسراف ، وذلك بتجاوز الحد عن قدرة الشركة المالية ، أو يكون ذلك التأثيث وتلك الأناقة زائدة عن الحاجة لها في الشركة ، والاعتدال في الأمور المباحة مطلوبة .
والثاني : أن يكون ذلك بقصد التشبع بما لم تُعط من أجل اصطياد الزبائن ، وإيهامهم بقوة الشركة المادية ، ومن المعلوم أن مثل هذا التأثيث والأناقة أنها رسالة لمن يرى ذلك ، ليحكم من خلال ما يراه على قوة الشركة ، ووجود الأعمال لديها ، ولا يكون الأمر كذلك في واقع الحال ، بل يُفعل ذلك من أجل الإيهام والتغرير بالزبائن .
والثالث : أن تجتنب التماثيل وتعليق صور ذوات الأرواح على الجدران ، ويجوز تعليق صور الأشجار والأنهار وعموم ما ليس له روح .
وانظر جوابي السؤالين : (7918 ) .
والرابع : تجنب تعليق آيات من القرآن الكريم .
وانظر في ذلك جواب السؤال رقم (254 ) .
ثانياً:
وأما بخصوص لباس الموظفين : فإنه لا مانع أن تكون ملابسهم وأحذيتهم وساعاتهم أنيقة ومميزة ، لكن على أن لا يكون فيها مخالفات شرعية ، ومنها :
1. أن تكون ملابسهم موافقة للشروط الشرعية ، فلا تكون من لباس الكفار الخاصة بهم ، ولا تكون ضيقة تصف ، ولا شفافة تشف ، ولا تكون ثيابا فيها إسبال .
وفي جواب السؤال رقم (36891) جملة من أحكام اللباس فلتنظر .
وينظر جواب السؤال رقم (69789) لمعرفة ماهية ثياب الكفار المنهي عنها ، وحكم لبس البدلة .
وتنظر أدلة تحريم الإسبال في جواب السؤال رقم : (762 ) .
وفي جواب السؤال رقم : (72878 ) تجد أحكام اللباس من حيث لونه .
2. أن لا تكون الساعات ذهبية .
وينظر في ذلك جواب السؤال (652 ) وفيه حكم لبس الساعات المطلية بالذهب .
3. أن لا يكون تجاوزٌ للحد في أثمانها ، فلا مانع أن تكون أنيقة ، لكن لا ينبغي تجاوز الحد فيها من حيث عددها ، ومن حيث أثمانها .
وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم أن تكون ثياب المسلم حسنة ، ونعاله حسنة ، بل إنه أثنى على ذلك .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ، قَالَ رَجُلٌ : إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ ) رواه مسلم ( 91 ) .
وأذن النبي صلى الله عليه وسلم في أن يلبس المرء ما يشاء إذا اجتنب الإسراف والمخيلة .
عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ ) .
رواه النسائي ( 2559 ) وابن ماجه ( 3605 ) ، وحسَّنه الألباني في ” صحيح النسائي ” .
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : كُلْ مَا شِئْتَ وَالْبَسْ مَا شِئْتَ مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ سَرَفٌ أَوْ مَخِيلَةٌ .
رواه البخاري عنه في صحيحه ، في كتاب اللباس ( 5 / 2180 ) .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – :
والذي يجتمع من الأدلة : أنَّ مَن قصد بالملبوس الحسن إظهار نعمة الله عليه ، مستحضراً لها ، شاكراً عليها ، غير محتقر لمن ليس له مثله : لا يضره ما لبس من المباحات ، ولو كان في غاية النفاسة ، ففي صحيح مسلم عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة مِن كِبْر ، فقال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة ، فقال : إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق ، وغمط الناس ) ، وقوله ( وغَمْط ) بفتح المعجمة وسكون الميم ثم مهملة : الاحتقار .
” فتح الباري ” ( 10 / 259 ، 260 ) .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة