0 / 0

هل يترك علاج الأطفال المصابين بأمراض مستعصية؟

السؤال: 105469

هناك بعض المرضى يعانون من مرض يؤدي حتماً في مفهوم الطب إلى أن يكون صاحبه متخلفاً عقلياً ، بل قد يؤدي مرضه إلى أن يعيش حياة كلها أمراض ومشاكل ، وأقرب مثال هو : أمراض المخ والجهاز العصبي ، وقد يكون هذا المريض في داخل الرحم حيث تدل التحاليل الطبية مثلاً أن هذا الطفل سيولد معتوهاً بصورة يكون معها أتعاب لوالديه ، بالإضافة إلى ما يكون له هو في حياته .
وفي الغرب هناك فكرة معترف بها ، أنه من الأحسن أن لا يعالج هذا الطفل الأول ، بصورة جادة تماماً، يعني يعطى الفرصة ليموت بعكس لو كان طفلاً يؤدي علاجه إلى برئه تماماً ، وكذلك يجهض الطفل الثاني لينزل ميتاً ، بل قد يطلب الوالدان أحياناً هذا ، مدعين أنهم يريدون إراحة الطفل . فما حكم ذلك ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

“من الضروريات الخمس التي دلت نصوص الكتاب والسنة دلالة قاطعة على وجوب المحافظة عليها ، وأجمعت الأمة على لزوم مراعاتها ـ حفظ نفس الإنسان ، وهو في المرتبة الثانية بعد حفظ الدين ، سواء كانت النفس حملاً قد نفخ فيه الروح ، أم كانت مولودة ، وسواء كانت سليمة من الآفات والأعراض وما يشوهها أم كانت مصابة بشيء من ذلك ، وسواء رجي شفاؤها مما بها أم لم يرج ذلك ، حسب الأسباب العادية وما أجري من تجارب ، فلا يجوز الاعتداء عليها بإجهاض إن كانت حملاً قد نفخ فيه الروح ، أو بإعطائها أدوية تقضي على حياتها وتجهز عليها طلباً لراحتها أو راحة من يعولها ، أو تخليصاً للمجتمع من أرباب الآفات والعاهات ، والمشوهين والعاطلين ، أو غير ذلك مما يدفع الناس إلى التخلص ؛ لعموم قوله تعالى : (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) الإسراء/33 ، ولما ثبت من بيان النبي صلى الله عليه وسلم وتوكيده من قوله : (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس ، والثيب الزاني ، والتارك لدينه المفارق للجماعة) رواه البخاري ومسلم ، وأن يحتسبوا في ذلك ، ولا يملوا من كثرة تردد المريض ولا تضيق صدورهم من طول أمد العلاج ، ولا ييأسوا من حسن العواقب ، فإن الأمور بيد الله يصرفها كيف يشاء ، ولا يمنعهم من ذلك استحكام الداء واستغلاق العلاج ، وتوقع الموت والهلاك ، فكم مريض استعصى داؤه واستفحل أمره فوهب الله له الشفاء ، وكم من مريض شخص داؤه وعرف دواؤه وأمل فيه الشفاء ، فواتته منيته رغم عناية معالجيه ، ولا تحملنهم المهارة في الطب وكثرة تجاربهم فيه على أن يجعلوا من ظنونهم حسب ما لديهم من أسباب : قطعاً ، وأن يجعلوا من توقعاتهم : واقعاً ، فكم من ظنون كذبت ، ومن توقعات أخطأت ، وليعلموا أنَّا وإن أُمرنا بالأخذ بالأسباب فالشفاء من الله وحده مسبب الأسباب ، وعلم الآجال إليه وحده ، لا يعلمها إلا هو ، وعلى ولي الأمر العام أن يهيئ وسائل العلاج من أطباء وأجهزة ومستشفيات ونحو ذلك ، فالجميع راع ومسؤول عن رعيته ، كل في حقله وميدانه بقدر ما آتاه الله من طاقة علمية ، أو مادية عملية ، كما أرشدنا إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعليهم جميعاً أن يحسنوا فإن الله كتب الإحسان على كل شيء ، وهو سبحانه يحب المحسنين .
وليس لهم أن يتركوا العلاج ، ويهملوا فيه ، ويعرضوا عن الأخذ بأسباب الشفاء .
ولأن في وجود المتخلفين عقلياً والمعوقين وذوي الأمراض المزمنة من خير للعباد وذكرى وموعظة ودلالة على عظيم حكمة الله سبحانه وقدرته على ما يشاء ، وعظم نعمته على من سلم من هذه الأمراض ، فيشكره سبحانه ويلتزم طاعته .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم” انتهى بتصرف .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز … الشيخ عبد الرزاق عفيفي … الشيخ عبد الله بن غديان … الشيخ عبد الله بن قعود .
“فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء” (24/389) .
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android