جدتي أقرضتني مبلغا من المال وبعدها مرضت وشلت شللا نصفيا ، وهي بحاجة لنفقة من لباس وحفاظات وغيرها ، هل أستطيع إرجاع المال لها بالتكلف بكل ما يلزمها من أطباء وحفاظات وغيرها ، وأكون قد رددت لها دينها هكذا ، وأمي تقوم بالإدارة عليها هل لي أن أعطيها من فلوس جدتي على أنها مديرة لها ، وأحسبه من الدين ؟
وشكرا لكم
عليها دين لجدتها فهل يجوز أن تنفق على علاجها منه
السؤال: 106389
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
إذا أقرض الإنسان غيره قرضا ، فليس له أن يأخذ منه – قبل سداد الدين – هديةً أو يقبل منه نفعا ، إلا في حالات ثلاث :
1- أن يكون مما جرت به عادتهما قبل القرض .
2- أن يأخذ الهدية بنية رد مثلها .
3- أن يأخذها ويحتسبها من دينه .
فلو أن لجدتك ألف ريال مثلا ، وقدمتِ لها شيئا ب 100 ريال ، ولم تكن هذه عادتك من قبل معها ، فليس لها أن تأخذها منك إلا بنية أن ترد هدية مثلها ، أو أن تحتسبها من الدين ، فيصبح الدين الذي لها 900 ريال فقط .
قال في زاد المستقنع: ” وإن تبرع لمقرضه قبل وفائه بشيء لم تجر عادته به ، لم يجز ، إلا أن ينوي [أي المقرض] مكافأته [أي رد مثله] أو احتسابه من دينه ].
وقال في “كشاف القناع” (3/318) : ” ( وإن فعل ) المقترض شيئا ( مما فيه نفعٌ ) للمقرض من هدية ونحوها ( قبل الوفاء لم يجز ) كما تقدم ( ما لم ينو ) المقرضُ ( احتسابه من دينه , أو مكافأته عليه ) أي : ما فعله مما فيه نفع فيجوز ، نص عليه ( إلا أن تكون العادة جارية بينهما ) أي : بين المقرض والمقترض ( به ) أي : بما ذكر من الإهداء ونحوه ( قبل القرض ) فإن كانت جارية به جاز ؛ لحديث أنس مرفوعا قال : إذا أقرض أحدكم قرضا , فأهدى إليه أو حمله على الدابة فلا يركبها ولا يقبله , إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك رواه ابن ماجه بسند فيه كلام ” انتهى .
ثانيا :
إذا كانت جدتك لا تعلم أنه يلزمها الامتناع عن قبول هديتك ونفقتك ، أو كانت تظن أن ما تقومين به هو من الإحسان وصلة الرحم ، فليس لك أن تحسبي هذه النفقة من الدين من دون علمها ، بل لا بد من إخبارها واستئذانها ، فإن أذنت ووكلتك في شراء ما تحتاجه فلا بأس ، وإن لم تأذن فالدين باق كما هو ، وأنت مخيرة بين الإحسان إليها أو ترك ذلك .
وينبغي أن تعلمي أنه ليس من مكارم الأخلاق أن يبدو الإنسان في صورة المتبرع المحسن ، وهو إنما ينفق من مال المتبرع له ، كما أن هذا العمل في نوع خداع وتغرير ، فقد لا ترضى الجدة بدفع مالها في نفقات العلاج ، وقد تختار التقليل من مراجعة الأطباء ، وإيثار الاحتفاظ بالمال .
فالصواب ، والأحوط لك ، أن تردي مالها إليها ، لا سيما وهي في هذه الحالة التي تحتاج فيها إلى المال والنفقة ، فإن عجزت عن ذلك ، أو كان الدين كبيرا ، فيمكنك أن ترديه على دفعات ، لتفعل به ما تشاء ، أو أن تستأذنيها في الصرف عليها منه .
على أننا ننبهك هنا ـ أيتها السائلة الكريمة ـ إلى أن نفقة الجدة ، إن لم يكن لها مال يكفي حاجتها ، واجبة على القادر من أحفادها ، إن لم يكن لها من هو أقرب نسبا إليها منهم ، أو كان لها أقرب نسبا ، لكنه فقير يعجز عن نفقتها .
قال ابن قدامة رحمه الله : ” ويجب الإنفاق على الأجداد والجدات وإن علوا وولد الولد وإن سفلوا وبذلك قال الشافعي و الثوري و أصحاب الرأي ” .
ثم قال : ” ويشترط لوجوب الإنفاق ثلاثة شروط أحدها : أن يكونوا فقراء لا مال لهم ولا كسب يستغنون به عن إنفاق غيرهم ، …
الثاني : أن تكون لمن تجب عليه النفقة ، ما ينفق عليهم ، فاضلا عن نفقة نفسه …
الثالث : أن يكون المنفق وارثا ، لقول الله تعالى : ( وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ ) البقرة /233
ثم ذكر أن للقرابة التي لا ترث أحوال ، يعنينا منها هنا :
” أن يكون القريب محجوبا عن الميراث بمن هو أقرب منه ، فينظر : فإن كان الأقرب موسرا ، فالنفقة عليه ، ولا شيء على المحجوب به ، لأن الأقرب أولى بالميراث منه ، فيكون أولى بالإنفاق ، وإن كان الأقرب معسرا ، وكان من ينفق عليه من عمودي النسب [ يعني : الأصول والفروع ] : وجبت نفقته على الموسر ” انتهى .
انظر : المغني ، لابن قدامة (11/374-376) ط هجر .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الاسلام سؤال وجواب