رجل متزوج من امرأتين وله أولاد من الزوجتين، قامت زوجته الأولى بإرضاع ابن جارهم في صغره، والآن بعد أن كبر الأولاد قام الأب بتزويج هذا الولد الذي أرضعته زوجته الأولى من ابنته من زوجته الثانية ، ويقول : هذه ليست أخته ، لأن أم البنت (الزوجة الثانية) لم ترضعه. ما العمل في هذه الحالة ؟ (علماً أن الزوجة الأولى -التي أرضعت الولد- غير متأكدة أنها أرضعت الولد خمس رضعات مشبعات فهي تتذكر أنها أرضعته ولكن لا تتذكر كم مرة) .
رضع من زوجة جاره الأولى فهل يصح أن يتزوج من بنت زوجته الأخرى
السؤال: 106718
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
إذا أرضعت المرأة طفلا ، صار ابنا لها ولزوجها من الرضاع ، وأخاً لجميع أبنائها وأبناء زوجها صاحب اللبن ، ولو كانوا من زوجاته الأخر .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : ” إذا أرضعت امرأة طفلا خمس رضعات معلومات في الحولين أو أكثر من الخمس ، صار الرضيع ولدا لها ولزوجها صاحب اللبن ، وصار جميع أولاد المرأة من زوجها صاحب اللبن ومن غيره إخوة لهذا الرضيع ، وصار أولاد الزوج صاحب اللبن من المرضعة وغيرها إخوة للرضيع ” انتهى من “مجموع فتاوى ابن باز” (22/274).
وسئل رحمه الله : رضعتُ من امرأة ثم تزوج زوجها من أخرى، وأنجبت زوجته أبناء، فهل هم إخوة لي؟
فأجاب : “إذا كان الرضاع خمس رضعات فأكثر وكان اللبن منسوباً للزوج لكونها أنجبت منه، فهم إخوة لك من أبيك وأمك من الرضاع، وأما أولاده من الزوجة الثانية فهم إخوة لك من أبيك من الرضاع.
والرضعة هي أن يمسك الطفل الثدي ويمص اللبن حتى يصل إلى جوفه ثم يترك الثدي لأي سبب من الأسباب ثم يعود ويمص الثدي حتى يصل اللبن إلى جوفه، ثم يترك الرضاع ثم يعود وهكذا حتى يكمل الخمس أو أكثر سواء كان ذلك في مجلس أو مجالس، وسواء كان ذلك في يوم أو أيام بشرط أن يكون ذلك حال كون الطفل في الحولين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا رضاع إلا في الحولين) ، ولقوله صلى الله عليه وسلم ، لسهلة بنت سهيل : (أرضعي سالما خمس رضعات تحرمي عليه) ، ولما ثبت في صحيح مسلم وجامع الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم ، والأمر على ذلك ). وهذا لفظ رواية الترمذي . وفق الله الجميع لما يرضيه” انتهى من “فتاوى الشيخ ابن باز” (22/305).
ثانيا :
الرّضاع المُحَرِّم له شرطان :
الأول : أن يكون خمس رضعات فأكثر لحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ : كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ .. رواه مسلم (1452) .
الثاني : أن يكون ذلك في الحولين ( أي السنتين الأوليين من عمر الطّفل ) . لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لا رَضَاعَ إِلا مَا فَتَقَ الأَمْعَاءَ) رواه ابن ماجة (1946) وهو في صحيح الجامع رقم (7495) ، وقال البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه : بَاب مَنْ قَالَ لا رَضَاعَ بَعْدَ حَوْلَيْنِ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ) .
وتعريف الرّضعة : أن يُمسك الطّفل الثدي ويَرضع منه لبنا ثم يتركه ، ولا يشترط أن تكون مشبعة ، بل إذا مص أي كمية من اللبن ودخلت إلى معدته فهي رضعة.
فإذا حصل ذلك ثبتت أحكام الرّضاع من تحريم النّكاح وغير ذلك .
ثالثا :
إذا حصل الشكّ في عدد الرّضعات ، ولم يقع الجزم بحصول خمس رضعات ، فإن التحريم لا يثبت . قال ابن قدامة رحمه الله : ” وإذا وقع الشكّ في وجود الرّضاع أو في عدد الرّضاع المُحَرِّم هل كمل أو لا ، لم يثبت التّحريم ، لأنّ الأصل عدمه ، فلا نَزول عن اليقين بالشكّ
” انتهى من “المغني” (11/312).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في “الشرح الممتع” (13/454) :
“إذا شُك في كمال الرضاع ، بأن قالوا : نعم ، الطفل رضع من هذه المرأة عدة مرات ، لكن لا ندري أرضع خمساً أم دون ذلك ؟
فلا تحريم ، لأن الأصل الحل ، وهنا لم نتيقن إلا ما دون الخمس ، وهذا من أكثر ما يقع ، فدائماً الذين يسألون عن الرضاع ، نقول : كم رضع ؟ فيقولون : ما ندري ، فالجواب : لا تحريم ، والولد ليس ولداً لها حتى نتيقن أنه رضع خمس مرات” انتهى.
وإذا حصل الجزم بوجود خمس رضعات ، فإنه يفرق بين الزوج وزوجته ؛ لأنها لا تحل له .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب