قرأت فتواكم الخاصة بالحائض التي تطهر قبل غروب الشمس فإن عليها صلاة الظهر والعصر، لم أكن أعرف ذلك من قبل فقد كنت أصلي من اليوم التالي، فهل آثم لذلك؟ وهل أقضي تلك الصلوات منذ أن أصبحت مسلمة (منذ ثلاثة أعوام)؟ أم أن التوبة تكفي؟ أم أن هناك كفارة؟
كانت تطهر قبل المغرب ولا تصلي الظهر مع العصر فهل يلزمها القضاء؟
السؤال: 107891
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
الحائض إذا طهرت قبل غروب الشمس لزمها أن تصلي الظهر والعصر عند جمهور الفقهاء خلافا للحنفية ، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم (103083)
وإن اقتصرتْ على أداء العصر فقط ، فنرجو ألا يكون عليها حرج .
ثانيا :
قولك : “فقد كنت أصلي من اليوم التالي” . يعني : أنك لا تصلين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في اليوم الذي طهرت فيه ، وتبدئين الصلاة من فجر اليوم التالي فهذا التصرف خطأ ، وتفريط كبير ، يلزمك فيه التوبة والندم والاستغفار ، وأما القضاء فلا يلزمك على الراجح لكونك جاهلة بالحكم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” … وعلى هذا لو ترك الطهارة الواجبة لعدم بلوغ النص ، مثل : أن يأكل لحم الإبل ولا يتوضأ ثم يبلغه النص ويتبين له وجوب الوضوء ، أو يصلي في أعطان الإبل ثم يبلغه ويتبين له النص : فهل عليه إعادة ما مضى ؟ فيه قولان هما روايتان عن أحمد .
ونظيره : أن يمس ذَكَره ويصلى ، ثم يتبين له وجوب الوضوء من مس الذكر .
والصحيح في جميع هذه المسائل : عدم وجوب الإعادة ؛ لأن الله عفا عن الخطأ والنسيان ؛ ولأنه قال : (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) ، فمن لم يبلغه أمر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شيءٍ معيَّنٍ : لم يثبت حكم وجوبه عليه ، ولهذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر وعمَّاراً لما أجْنبا فلم يصلِّ عمر وصلَّى عمار بالتمرغ أن يعيد واحد منهما ، وكذلك لم يأمر أبا ذر بالإعادة لما كان يجنب ويمكث أياماً لا يصلي ، وكذلك لم يأمر مَن أكل من الصحابة حتى يتبين له الحبل الأبيض من الحبل الأسود بالقضاء ، كما لم يأمر مَن صلى إلى بيت المقدس قبل
بلوغ النسخ لهم بالقضاء .
ومن هذا الباب : المستحاضة إذا مكثت مدة لا تصلي لاعتقادها عدم وجوب الصلاة عليها ، ففي وجوب القضاء عليها قولان ، أحدهما : لا إعادة عليها – كما نقل عن مالك وغيره – ؛ لأن المستحاضة التي قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : (إني حضت حيضةً شديدةً كبيرةً منكرةً منعتني الصلاة والصيام) أمرها بما يجب في المستقبل ، ولم يأمرها بقضاء صلاة الماضي .
وقد ثبت عندي بالنقل المتواتر أن في النساء والرجال بالبوادي وغير البوادي مَن يبلغ ولا يعلم أن الصلاة عليه واجبة ، بل إذا قيل للمرأة : صلِّي ، تقول : حتى أكبر وأصير عجوزة ! ظانَّة أنه لا يخاطَب بالصلاة إلا المرأة الكبيرة كالعجوز ونحوها ، وفي أتباع الشيوخ ( أي من الصوفية ) طوائف كثيرون لا يعلمون أن الصلاة واجبة عليهم ، فهؤلاء لا يجب عليهم في الصحيح قضاء الصلوات سواء قيل : كانوا كفَّاراً أو كانوا معذورين بالجهل … ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (21/101).
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة