الطريقة التيجانية
السؤال: 108382
عندنا ناس كثيرون متمسكون بالطريقة التيجانية ، وأهلي عندهم ورد الشيخ أحمد التيجاني ، وهي صلاة الفاتح ؛ ويقولون : إن صلاة الفاتح هي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، فهل صلاة الفاتح هذه هي الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم أم لا ؟ حيث يقولون إن من كان يقرأ صلاة الفاتح وتركها يعتبر كافرا ، ويقولون : إذا ما كنت تتحمل هذا وتركتها فما عليك شيء ، وإذا تحملتها وتركتها تعتبر كافرا ، فنرجو التوجيه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
“الطريقة التيجانية لا شك أنها طريقة مبتدعة ، ولا يجوز لأهل الإسلام أن يتبعوا
الطرق المبتدعة ، لا التيجانية ولا غيرها ، بل الواجب الاتباع والتمسك بما جاء به
الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لأن الله يقول : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ
اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) آل
عمران/31 ، ويقول عز وجل : (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ
وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ) الأعراف/3
، ويقول تعالى : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ
فَانْتَهُوا) الحشر/7 ، ويقول تبارك وتعالى : (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا
فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ)
الأنعام/153 ، والسبل : هي الطرق المحدثة من البدع والأهواء والشبهات والشهوات
المحرمة ، فالله أوجب علينا أن نتبع صراطه المستقيم ، وهو ما دل عليه القرآن الكريم
، وما دلت عليه سنة رسوله عليه الصلاة والسلام الصحيحة الثابتة ، هذا هو الطريق
الذي يجب اتباعه .
أما
الطريقة التيجانية أو الشاذلية أو القادرية أو غيرها من الطرق التي أحدثها الناس
فلا يجوز اتباعها ، إلا ما وافق شرع الله منها أو غيرها فيعمل به ؛ لأنه وافق الشرع
المطهر لا لأنه من الطريقة الفلانية أو غيرها ، للآيات السابقة ، ولقوله تعالى :
(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو
اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) الأحزاب /21 ، وقوله عز
وجل : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ
وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ
وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا
أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) التوبة/100 ، ولقول الرسول صلى الله عليه
وسلم : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق على صحته من حديث عائشة رضي
الله عنها ، وقوله صلى الله عليه وسلم : (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)
أخرجه مسلم في صحيحه ، وقوله صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة : (أما بعد ، فإن
خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور
محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة) أخرجه مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله
عنهما ، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .
وصلاة الفاتح هي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكروا ، ولكن صيغة لفظها
لم ترو عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قالوا فيها : ” اللهم صل وسلم على سيدنا
محمد الفاتح لما أغلق ، والخاتم لما سبق ، والناصر الحق بالحق ” . وهذا اللفظ لم
ترد به الإجابة الصحيحة التي يبين فيها النبي صلى الله عليه وسلم صفة الصلاة عليه
لما سأله الصحابة عن ذلك ، فالمشروع للأمة الإسلامية أن يصلوا عليه ، عليه الصلاة
والسلام بالصيغة التي شرعها لهم ، وعلمهم إياها دون ما أحدثوه ، من ذلك ما ثبت في
الصحيحين عن كعب بن عجرة رضي الله عنه أن الصحابة رضي الله عنهم قالوا : (يا رسول
الله ، أمرنا الله أن نصلي عليك ، فكيف نصلي عليك ؟ فقال عليه الصلاة والسلام :
قولوا : اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك
حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد ، وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم وآل
إبراهيم إنك حميد مجيد) .
ومن
ذلك ما ثبت في صحيح البخاري ومسلم أيضا من حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (قولوا : اللهم صل على محمد ، وعلى أزواجه
وذريته كما صليت على إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على
إبراهيم وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد) .
وفي
حديث ثالث رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال : (قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت
على آل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على آل إبراهيم في
العالمين ، إنك حميد مجيد) .
فهذه الأحاديث وما جاء في معناها قد أوضحت صفة الصلاة عليه التي رضيها لأمته وأمرهم
بها ، أما صلاة الفاتح وإن صح معناها في الجملة فلا ينبغي الأخذ بها والعدول عما صح
عن النبي صلى الله عليه وسلم في بيان صحة الصلاة عليه المأمور بها ، مع أن كلمة :
(الفاتح لما أغلق) فيها إجمال قد يفسر من بعض أهل الأهواء بمعنى غير صحيح ، والله
ولي التوفيق” انتهى .
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
“مجلة البحوث الإسلامية” (39/145-148) .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟