امرأة أسلمت وتعيش مع أهلها غير المسلمين ، وهم الآن لا يعترضون على إسلامها ، قد حاولت دعوتهم بطرق شتى ، ولكن لا جدوى ، فكيف تتعامل معهم وهم على ضلالتهم ؟ هل تصلهم أم تحد علاقتها بهم ؟
كيف يعامل المسلم أهله الكفار؟
السؤال: 112006
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الواجب على من هداه الله تعالى للإسلام أن يبادر بهذا النور ليضيء به حياة أهله وعشيرته ، فهم أولى الناس بدعوته ، وبنور الإسلام ، وإذا وُجد من أولئك من كان غير معترض على الإسلام فهو نعمة عظيمة على المسلم استثمارها لتقديم الإسلام لهم بطريقة حسنة ، وليسلك في دعوته لهم كل سبيل مباح ، من تقديم الأشرطة المرئية والمسموعة ، والكتب ، والمواقع ، واستضافة الشخصيات الإسلامية المؤثرة ، وليتقرب لهم بالهدايا ، والمعاملة الحسنة ، والأخلاق الفاضلة ، وليبتعد عن التعنيف ، وليداوم على دعاء الله أن يهديهم ويوفقهم .
وإذا كان الله تعالى قد أمر بالإحسان للوالدين اللذين يدعوان ولدهما للكفر ويبذلان في ذلك جهوداً عظيمة : فأولى أن تكون تلك المعاملة لمن رضي لك إسلامك ، ولم يعترض عليه .
قال الله تبارك وتعالى : ( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ . وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ) لقمان/ 14 ، 15 .
قال ابن جرير الطبري رحمه الله :
"وإن جاهدك أيها الإنسان ، والداك على أن تشرك بي في عبادتك إياي معي غيري ، مما لا تعلم أنه لي شريك – ولا شريك له تعالى ذكره علوّاً كبيراً : فلا تطعهما فيما أراداك عليه من الشرك بي ، ( وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيا مَعْرُوفًا ) يقول : وصاحبهما في الدنيا بالطاعة لهما فيما لا تبعة عليك فيه فيما بينك وبين ربك ، ولا إثم" .
" تفسير الطبري " ( 20 / 139 ) .
وقال ابن كثير رحمه الله :
"أي : إن حَرَصَا عليك كل الحرص ، على أن تتابعهما على دينهما : فلا تقبل منهما ذلك ، ولا يمنعنَّك ذلك من أن تصاحبهما في الدنيا معروفاً ، أي : محسنًا إليهما ، ( وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ) يعني : المؤمنين" انتهى .
" تفسير ابن كثير " ( 6 / 337 ) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
لي أهل مشركون إلا أختاً لي مسلمة ، فهل يجوز لي الإقامة والأكل والشرب معهم ، وإن كان يجوز مع أن ذلك ليس على حساب ديني : فهل يجوز لي التصريح لهم بأنهم كفار خارجون عن دين الله ؟ مع أني دعوتهم فهم مترددون ، لا إلى هؤلاء ، ولا إلى هؤلاء ، ولكنهم أقرب للشرك ، مع أني لا أجد سكناً إلا معهم .
فأجابوا :
"الواجب عليك الاستمرار في نصحهم ، وتذكيرهم ، ومصاحبتهم بالمعروف ، ولين القول لهم ، وإن كنتَ ذا مال : فأنفق عليهم ؛ لعل الله سبحانه وتعالى أن يفتح قلوبهم ، وينير بصائرهم ، قال تعالى : ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ) لقمان / 15 .
وابحث عن شتى السبل لإيصال الحق لهم بالرسائل ، والكتب ، والأشرطة …" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 12 / 255 ، 256 ) .
وقال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله :
"فالله سبحانه وتعالى أوجب بر الوالدين بالمعروف والإحسان ولو كانا كافرين ، وقال تعالى : ( وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ . وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ) لقمان / 14، 15 .
فيجب عليك أن تُحسن إلى والديك الإحسان الدنيوي ، وأما في الدين : فأنت تتبع الدين الحق ولو خالف دين آبائك ، مع الإحسان للوالدين من باب المكافأة ، فأنت تحسن إليهما وتكافئهما على معروفهما ، ولو كانا كافرين ، فلا مانع أن تواصل والدك ، وأن تبر به ، وأن تكافئه ؛ ولكن لا تطيعه في معصية الله عز وجل" انتهى .
" المنتقى من فتاوى الفوزان " ( 2 / 257 ، السؤال رقم 226 ) .
وانظري – لمزيد فائدة – أجوبة الأسئلة : ( 20961 ) و ( 27196 ) و ( 27105 ) و ( 6401 ) .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة