تزوجت ولله الحمد لكن هناك أمر يؤرقني وهو أنني حين عقدت قراني عقدته في المحكمة (في سوريا ) وسألت عن المأذون فقيل لي إنه مسلم ويصلي لكنه حليق ، والمشكلة هي أنه حين العقد لم يكن هناك سوى شاهد واحد هو عمي أخو أبي شهد على صيغة العقد ، والشاهد الآخر محام مسلم دخل ووقع وخرج ولم يشهد الصيغة ، فهل هذا العقد بهذه الهيئة صحيح أم أنه لا بد للشاهد من سماع الصيغة ؟
الشاهد الثاني لم يحضر صيغة العقد فهل نكاحه صحيح؟
السؤال: 112112
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
المقصود من الشهادة في النكاح ، الشهادة على العقد ، أي سماع الإيجاب من ولي المرأة أو ممن يقوم مقامه كالوكيل ، وسماع القبول من الزوج أو ممن يقوم مقامه. ولو كُتب الإيجاب والقبول ، وكان الشاهد أصمّ مثلا فشهد على المكتوب أثناء العقد ، صحت شهادته ؛ لقوله تعالى : ( إلا من شهد بالحق وهم يعلمون ) فإذا وصل العلم للشاهد كفى .
“الشرح الممتع” (5/162).
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن إعلان النكاح وإشهاره ، ومعرفة الناس به ، يغني عن الشهادة الخاصة ، بل هو أقوى منها ، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” وقال بعض العلماء : إنه يشترط إما الإشهاد وإما الإعلان ، أي الإظهار والتبيين ، وأنه إذا وجد الإعلان كفى ؛ لأنه أبلغ في الأمر من اشتباهه بالزنا ، فعدم الإشهاد فيه محظور وهو أنه قد يزني بامرأة فإذا حملت منه ادعى أنه قد تزوجها وليس الأمر كذلك ، فاشترط الإشهاد لهذا السبب .
لكن إذا وجد الإعلان انتفى هذا المحظور من باب أولى ؛ لأنه أبلغ من الإشهاد ، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، أنه يشترط إما الإشهاد وإما الإعلان ، بل قال رحمه الله : إن وجود الإشهاد بدون إعلان ، في صحة النكاح فيه نظر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإعلان النكاح فقال: ( أَعْلِنُوا النِّكَاحَ ) ولأن نكاح السر يخشى منه المفسدة حتى لو كان بالشهود ؛ لأنه يمكن أن يزني واحد والعياذ بالله بامرأة ثم يقول : تزوجتها ، ثم يأتي بشاهدي زور ويشهدان ” انتهى من “الشرح الممتع” (5/160).
وهذا يبين أن إعلان النكاح أقوى من مجرد الإشهاد على العقد .
وقد لخص شيخ الإسلام رحمه الله مسألة الإشهاد والإعلان بقوله : ” لا ريب في أن النكاح مع الإعلان يصح وإن لم يشهد شاهدان . وأما مع الكتمان والإشهاد : فهذا مما ينظر فيه .
وإذا اجتمع الإشهاد والإعلان فهذا لا نزاع في صحته .
وإذا انتفى الإشهاد والإعلان : فهو باطل عند عامة العلماء . وإن قُدّر فيه خلاف فهو قليل ” انتهى من “الاختيارات الفقهية” (ص 177) .
فقوله : ” لا ريب في أن النكاح مع الإعلان يصح وإن لم يشهد شاهدان ” يفيد أنه لا داعي للقلق بشأن ما ذكرت ، فعلى فرض عدم صحة الشهادة ، فإن الإعلان كافٍ إن شاء الله .
مع التنبيه على أن الشاهد لا ينحصر فيمن وقّع على العقد ، بل كل من حضر العقد ، من كاتبٍ وقريبٍ ومأذون وغيره ، فهو شاهد عليه ، إن كان صالحا للشهادة .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب