0 / 0

إعتاق الرقبة عمن لزمته

السؤال: 114449

هل يمكن للولد أن يقضي عن أبيه شراء عبد ثم يعتقه ؟ وهل يمكن للولد أن يقضي عن أمه ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أداء الكفارات بالإطعام أو العتق عمَّن لزمتهم يكون على أحد وجهين :
1- إما أن يكون بإذنِ مَن لَزِمَته الكفارة وطَلَبِه : فحينئذ يصح ويجزئ أداءُ أي شخص عنه ، دليله ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال : ( جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : هَلَكْتُ . قَالَ : مَا شَأْنُكَ ؟ قَالَ : وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِى فِى رَمَضَانَ . قَالَ : تَسْتَطِيعُ تُعْتِقُ رَقَبَةً ؟ قَالَ : لاَ . قَالَ : فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ؟ قَالَ : لاَ . قَالَ : فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا ؟ قَالَ : لاَ . قَالَ : اجْلِسْ . فَجَلَسَ . فَأُتِىَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ -وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ الضَّخْمُ – قَالَ : خُذْ هَذَا ، فَتَصَدَّقْ بِهِ . قَالَ أَعَلَى أَفْقَرَ مِنَّا ، فَضَحِكَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ . قَالَ : أَطْعِمْهُ عِيَالَكَ ) رواه البخاري (6709) ومسلم (2564) .
يقول الشيخ عبد الله آل بسام رحمه الله في فوائد هذا الحديث :
” ( منها ) أن الكفارة لا تسقط مع الإعسار ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسقطها عنه بفقره ، وليس في الحديث ما يدل على السقوط . ( ومنها ) جواز التكفير عن الغير ولو من أجنبي ” انتهى . “تيسير العلام” (1/296)
2- وإما أن يكون بغير إذنه ولا علمه : فلا يجزئ ما أطعم أو أعتق عنه .
وهذا تفصيل الشافعية والحنابلة والقاضي أبي يوسف ، قالوا : لأن العبادة لا تصح إلا بنية ، فإذا لم ينشئ من لزمته الكفارة النية والعزيمة على التكفير بالإطعام أو الإعتاق : فَقَد سقط ركن العبادة الأول ، فلم تقع العبادة مجزئة عنه .
يقول الإمام الشافعي رحمه الله : ” ولو كان على رجل ظهار ، فأعتق عنه رجل عبدا للمعتق بغير أمره : لم يجزئه ” انتهى . “الأم” (6/709ـ ط الوفاء المحققة ) ، وانظر: “تحفة المحتاج” (8/189) ، “أسنى المطالب” (3/363) .
ويقول البهوتي الحنبلي رحمه الله : ” ( ومن أعتق غيرُه عنه عبدا بغير أمره ) في كفارة أو غيرها ( لم يعتق عن المعتَق عنه إذا كان حيا ) لأنه لم يحصل منه عتق ولا أمر به مع أهليته ( ولا يجزى عن كفارته ) أي كفارة المعتق عنه . ( وإن نوى ) المعتِق ( ذلك ) لأن العتق لم يصدر ممن وجبت عليه الكفارة حقيقة , ولا حكما , ( وكذا من كفر عنه غيره بالإطعام ) بغير إذنه فإنه لا يجزئه لعدم النية ممن وجبت عليه الكفارة ” انتهى .
“كشاف القناع” (5/382) .
ووجه اشتراط النية في الكفارات عند أهل العلم : أن الكفارة ليس المقصود منها أنها غرامة مالية مجردة ، بل فيها جانب العبادة والقربة إلى الله عز وجل .
قال العز ابن عبد السلام رحمه الله : ” وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي بَعْضِ الْكَفَّارَاتِ هَلْ هِيَ زَوَاجِرُ أَمْ جَوَابِرُ فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا زَوَاجِرَ عَنْ الْعِصْيَانِ لِأَنَّ تَفْوِيتَ الْأَمْوَالِ وَتَحْمِيلَ الْمَشَاقِّ رَادِعٌ زَاجِرٌ عَنْ الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا جَوَابِرُ[ يعني: أن المقصود منها : جبر = تعويض ، ما نقص من دين المرء أو عباده ، بسبب تعديه أو تفريطه ] ، لِأَنَّهَا عِبَادَاتٌ وَقُرُبَاتٌ لَا تَصِحُّ إلَّا بِالنِّيَّاتِ ، وَلَيْسَ التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ زَاجِرًا ، بِخِلَافِ الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرَاتِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِقُرُبَاتٍ إذْ لَيْسَتْ فِعْلًا لِلْمَزْجُورِ ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُهَا الْأَئِمَّةُ وَنُوَّابُهُمْ “انتهى . قواعد الأحكام في مصالح الأنام (1/178) .
والحاصل أنه يجزئ الوالدين أن يعتق عنهما ولدهما إذا أذنا بذلك ، والأجر متحصل لهذا الولد البار الذي حرص على تخليص أبويه من الالتزامات المالية بين يدي الله تعالى . فنسأل الله لك الأجر والمثوبة .

والله أعلم .

 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android