أحتاج إلى مساعدتك ، والدي يخرج مع الجماعة للدعوة ، وهو يقضي الكثير من الوقت في المركز والمسجد ، لكن عندما يكون في البيت فإنه لا يقوم إلا بإثارة الخلافات مع عائلته ، وخصوصا مع أمي ، فهو يعاملها وكأنها أقل شيءٍ موجود على سطح الأرض ، ولا يسمع منها قط ، حتى أنه أجبرها على قطع اتصالاتها مع أقاربها ، وهي تتأذى من ذلك وتبكي كثيراً . والدي يرى أنه أفضل من عائلتها .. الخ ، وهو لا يسمع من أي واحدٍ منَّا أبداً ، وهو يقول بأن ما يقوله هو الصحيح ، وأن الإسلام يتفق معه ، وهذا ليس صحيحاً ؛ لأن الإسلام لا يمكن أن يتفق مع أي أحدٍ ، بل نحن الذين يجب علينا أن نتفق مع الإسلام ، كما أن الإسلام لا يعلم الشخص ألا يسمع من زوجته ، وأن يتشاجر ، وألا يعامل زوجته معاملة حسنة ، نحن لا نعرف كيف نتصرف ، ويظهر وكأنه يرهبنا ، إنه لا يتحدث إلى أي واحدٍ منَّا بطريقةٍ عاديَّةٍ ، بل إن كلامه معنا يكون بصورة الأمر : ” أحضر لي هذا الشيء أو ذلك وإلا ” ، لا يتفوه إلا بالانتقادات ، مثل : ” لماذا تمسك بالقلم هكذا ؟ ” ، وأشياء أكثر غرابة ، لكن أغلب ما يقوم به هو إيذاؤه لوالدتي بتصرفاته تلك ، وهي مريضة أصلاً ، أنا أشعر باليأس وكذلك حال جميع أفراد عائلتي ، فنحن لا نعرف كيف نفعل ، أرجو أن تساعدنا .
والدهم من أهل الدعوة ويشتكون من سوء معاملته للأسرة
السؤال: 11458
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
يجب على المسلم أن يتحلى بالأخلاق الحميدة الحسنة ، وعليه تجنب أسباب الغضب ، وقول التي هي أحسن قال الله تعالى : وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً الإسراء / 53 .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء ” – رواه الترمذي ( 1977 ) من حديث عبد الله بن مسعود ، وصححه ابن حبان ( 1 / 421 ) والحاكم ( 1 / 57 ) والألباني في ” صحيح الجامع ” ( 5381 ) – . وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إن الله يبغض الفاحش البذيء ” رواه الترمذي ( 2002 ) وصححه .
قال الصنعاني :
والحديث إخبار بأنه ليس من صفات المؤمن الكامل الإيمان السب واللعن ، إلا أنه يستثنى من ذلك لعن الكافر وشارب الخمر ومن لعنه الله ورسوله .
” سبل السلام ” ( 4 / 198 ) .
فينبغي على المؤمن أن يتحلَّى بأخلاق القرآن ، وأن يتحلى بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ، وخاصة مع أهله ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” خيركم خيركم لأهله ” .
قال الشوكاني رحمه الله تعالى :
في ذلك تنبيه على أعلى الناس رتبة في الخير وأحقهم بالاتصاف به هو من كان خير الناس لأهله فإن الأهل هم الأحقاء بالبِشر وحسن الخلق والإحسان وجلب النفع ودفع الضر ، فإذا كان الرجل كذلك فهو خير الناس ، وإن كان على العكس من ذلك فهو في الجانب الآخر من الشر ، وكثيراً ما يقع الناس في هذه الورطة فترى الرجل إذا لقي أهله كان أسوأ الناس أخلاقاً وأشحهم نفساً وأقلهم خيراً ، وإذا لقي غير الأهل من الأجانب لانت عريكته وانبسطت أخلاقه وجادت نفسه وكثر خيره ، ولا شك أن من كان كذلك فهو محروم التوفيق زائغ عن سواء الطريق ، نسأل الله السلامة .
“انتهى من نيل الأوطار ” ( 6 / 360 )
والمعروف من حال هذه الجماعة التي يخرج معها الوالد أنها تتصف بالأخلاق الحسنة وتدعو إلى ذلك ، فالأصل أن يكون هو كذلك ، وأن يتقي الله عزوجل ، ونقول لكم – إن صح قولكم عن والدكم – : إن هذا من الابتلاء ، وعليكم بالصبر والدعاء له بأن يهديه الله تعالى لأحسن الأخلاق .
والصبر لا شك أن فيه أجراً عظيماً ، فعلى الزوجة أن تصبر على أذى زوجها وتطيعه بما أحل الله ، وإذا منعها من زيارة أقربائها فإن كان لسببٍ شرعي : فله ذلك ، وإذا كان بدون سبب شرعي : فعليها الطاعة وعليه الإثم ، والزوجة تكون مأجورة بإذن الله تعالى .
وهناك نصائح في جواب السؤال ( 482 ) ننصحك بالرجوع إليه ، وننصح الزوج والزوجة مراجعة جواب السؤال رقم ( 10680 ) ففيه بيان حقوق كل واحد من الزوجين على الآخر .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة