الاشتغال بالعلم الشرعي أفضل من الاشتغال بتأويل الأحلام
السؤال: 121590
أحس أنني قادر على تفسير الأحلام ، وأنني أعرف معانيها ، كيف أتبين من الأمر ، وكيف أُطَوِّرُ نفسي ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
النصيحة التي يمكن أن نقدمها لأخينا السائل في هذا المقام – وقد رأينا في سؤاله
انطلاقة سليمة في الفهم والتعلم – أن يتوجه اهتمامه إلى العلم النافع والعمل الصالح
، وأن يحرص على التفقه في الدين ، ومعرفة أحكام الشريعة ، والاطلاع على ما كتبه
علماء الإسلام ، فذلك أولى من الحرص على تفسير الأحلام ، ومحاولة تحسين هذه المعرفة
، فقد غدا تأويل الأحلام مهنة وصنعة لها سوقها الذي يترأسه طائفة من الناس ، بحق أو
بباطل ، يميلون بعقول وقلوب المسلمين والمسلمات نحو الظنون والأوهام والخرافات .
والذي ينبغي للمسلم أن يشغل نفسه من العلم النافع والعمل الصالح بما هو أهم وأفضل.
فإن
العمر قصير لا يتسع لجميع العلوم ، فليأخذ المسلم بالأهم فالأهم من العلوم .
وطلب العلم الشرعي والتفقه في الشرع وتعليمه للناس ، والدعوة إليه ، من أفضل ما
يقوم به المسلم ، ويعبد به ربه ، فليحرص المسلم على ذلك ، فهو أفضل ما أنفقت فيه
الأعمار .
قال
الشيخ حمود التويجري رحمه الله :
”
وقد أُلَّف في تعبير الأحلام عدة مؤلفات ، منها ما ينسب إلى ابن سيرين ، ومنها ما
ينسب إلى غيره ، ولا خير في الاشتغال بها ، وكثرة النظر فيها ؛ لأن
ذلك قد يشوّش الفكر ، وربما حصل منه القلق والتنغيص من رؤية المنامات المكروهة ،
وقد يدعو بعض من لا علم لهم إلى تعبير الأحلام على وفق ما يجدونه في تلك الكتب ،
ويكون تعبيرهم لها بخلاف تأويلها المطابق لها في الحقيقة ، فيكونون بذلك من
المتخرصين القائلين بغير علم ، ولو كان كل ما قيل في تلك الكتب من التعبير صحيحًا
ومطابقًا لكل ما ذكروه من أنواع الرؤيا لكان المعبرون للرؤيا كثيرين جدًا في كل عصر
ومصر ، وقد علم بالاستقراء والتتبع لأخبار الماضين من هذه الأمة أن العاملين بتأويل
الرؤيا قليلون جدًّا ، بل إنهم في غاية الندرة في العلماء ، فضلاً عن غير العلماء ،
وذلك لأن تعبير الرؤيا علم من العلوم التي يختص الله بها من يشاء من عباده ، كما
قال تعالى مخبرًا عن يعقوب عليه الصلاة والسلام أنه قال ليوسف عليه الصلاة والسلام
: ( وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ )
يوسف/6
، وقال تعالى مخبرًا عن يوسف أنه قال للفتيين اللذين دخلا معه السجن: ( لَا
يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ
أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي ) ، وقال تعالى مخبرًا عن
يوسف أيضًا أنه قال : (رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ
تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ )
يوسف/101،
والمراد بتأويل الأحاديث تعبير الرؤيا قاله غير واحد من المفسرين ” انتهى.
“الرؤيا” (ص/212-213) .
والله أعلم.
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟