ما حكم الشرع في موقفي أنا وأخواتي اتجاه أخي الذي يكبرنا بـ ( عشرة أعوام تقريباً ) الذي علِمنا عنه من خلال كثرة ارتداده للسجن بسبب إما تعاطيه للمخدرات ، أو الاتجار فيه , ومشاكل المشاجرات مع الجيران ، هذا كله عبر السنوات الماضية منذ صغرنا إلى الآن ، هذا كله ويدَّعي ببراءته أنها مكائد من الآخرين ، وللأسف يصدقه والداي , وبعد وفاة والدي زادت مشاكله حيث يسكن الآن مع والدتي , وهو غير متزوج ، وعاطل عن العمل ، ويسكن في بيت الورثة ، ويستفيد من إيجار محل الورثة , إلا أننا لم نخلص من مشاكله ، وآخرها محاولة استدراج الأطفال الذكور من جيران أمي ؛ لإعطائهم الخمر ، والفعل الفاحش بهم ، حيث رفع أحد آباء هؤلاء قضية عليه لمحاولة التحرش بابنه ، ولا نعلم تفاصيل القضية ، ولكن الذي نراه الآن أنه طليق حر , ويمثل دور البريء أمام أمي , ولكن أنا وأخواتي لدينا أطفال أكبرهم عمر العشر سنوات ، وهو دائماً يحاول أن يجذب حبَّهم وودهم له عند زيارتنا للوالدة ، وهذا ما يضايقنا ، وأمي تلزمنا بأن نسلم عليه ، ونؤمنه على أبنائنا , وبعد الحادث الأخير قررنا أن لا نزور أمي في المنزل الذي تقطن فيه ، بل نجتمع في منزل إحدى أخواتي ، حيث طلبنا من أمي أن تزورنا فيه لمواصلتها , ولكن أقامت أمي الدنيا ولم تقعدها ، حيث دعت على أختي المسكينة بأسوأ أنواع الدعوات ، وعلى أبنائها أن يصيبهم ما ابتلي به أخي , وهي غاضبة علينا الآن ، فهل موقفنا في عدم الذهاب لمنزل أمي صائب أم خاطئ ؟ فأنا أخاف أن يكون هذا عقوقاً لها , ولا نعلم كيف سيكون الأمر حيث اعتدنا التجمع في رمضان معها والعيد ، فأمي الآن وحيدة كل هذه الأفكار تتعبني ، أين الصواب ؟ .
أخوهنَّ له سوابق سيئة فهل يأثمون بأخذ الحيطة منه ؟ وهل لوالدتهم طاعة عليهن هنا ؟
السؤال: 122656
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
الوالدان مأموران بالنظر فيما يصلح أولادهم فيفعلونه ، وفيما يفسدهم فيُبعدونهم عنه ، ويحمونهم منه ، وهي الوقاية التي أمرهما الله تعالى بها في قوله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) التحريم/ 6 .
وإن الله سائل كل راعٍ عن رعيته ، والوالدان مسئولان عن أولادهم ، فرَّطوا ، أو نصحوا لهم .
عن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا ) .
رواه البخاري ( 853 ) ومسلم ( 1829 ) .
ثانيا :
إذا رأيتم أن من مصلحة أولادكم البُعد عن خالهم ، وعدم تمكينه من رؤيتهم ، فضلاً عن ملامستهم ، والاختلاء بهم ، لا سيما وهو محل تهمة ـ على أقل تقدير ـ : فلا تترددوا في فعل ذلك ، بل احرصوا عليه ، وابذلوا من أجله جهدكم .
ولا عبرة برأي والدتكِ في هذا الباب ، أو غضبها ودعائها عليكن ، ولا طاعة لها عليك إن كنتِ ترين خطر تلك العلاقة التي تريد والدتك أن تكون بين أولادك وخالهم ، فأنتِ ووالدهم هما المسئولان عن أولادكم ، لا جدتهم ، ورأيكم له ما يؤيده ويقويه ، وذلك لما لخالهم من أحوال ، وصفات .
ثالثا :
وننصحكم بأمرٍ وسط ، وهو زيارة والدتكِ في وقت تجزمون به بعدم وجود خالهم في البيت ، أو أن تزوريها أنت وأخواتك بدون الأولاد ، وإن أحبت أن ترى هي الأولاد ، فليكن في بيت واحدة منكن . وإذا اضطررتم لتلك الزيارة ، أو حضر في غير موعده : فلا تفارقي أولادك ، ولا تمكنيه من الاختلاء بهم ، ولو غضبت أمك من هذا الموقف ، ودعت عليك وعلى أخواتك ، واعلموا أنه لا قيمة لغضبها ، ولا وزن لدعائها ، فإنها تدعو بإثم ، ولا يستجيب الله لها ، بل يؤجركم على صبركم ، وتحملكم ، ونرى أن قطع زيارتها بالكلية قد يسيء إليها كثيراً ، فاحرصوا على تحقيق الزيارة ، مع الأمن من مكر أخيكم أن يسول له الشيطان فعل ما تندمون على تساهلكم معه طيلة العمر – لا قدَّر الله ذلك عليكم – .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :
عن رجل سُرق له مبلغ ، فظنَّ في أحد أولاده أنه هو أخذه ، ثم صار يدعو عليه ، وهجره ، وهو بريء ، ولم يكن أخذ شيئاً ، فهل يؤجر الولد بدعاء والده عليه ؟ .
فأجاب :
نعم ، إذا كان الولد مظلوماً : فإن الله يكفِّر عنه بما يظلمه ، ويؤجره على صبره ، ويأثم مَن يدعو على غيره عدواناً .
” مجموع الفتاوى ” ( 31 / 303 ) .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب