تزوجت السنة الماضية ، وكنت أعيش في الكويت مع زوجي وذلك بسبب بعض الظروف الصحية التي ظهرت معي بعد انتقالي للعيش هناك , وأرسلني زوجي إلى الهند للعلاج ، ووعدني أن يتكفل أهله بكل التكاليف المالية الخاصة بالعلاج . وبعد قدومي إلى الهند وجد الأطباء أنني أعاني من مرض مزمن وأن عليّ أن أتناول العلاج طوال الحياة , وأدى هذا الأمر إلى أن قام أقارب زوجي من أخوته وغيرهم بشتمي وشتم أهلي , ورفضوا أن يتكفلوا بالأمور المالية الخاصة بعلاجي , لذلك ذهبت لوالديّ طالبة الملجأ , و قام أقارب زوجي بتزويد زوجي بمعلومات خاطئة عني وعن أبواي ، وخلقوا نوعاً من سوء الفهم بيني وبين زوجي , وقام زوجي بتطليقي ثلاثاً في نفس الوقت وذلك عبر رسالة أرسلها إليّ ، ويذكر فيها : أنني ما دمت أعاني من مرض مزمن فإن ذلك سيؤثر على صحة المولود وكذلك على سير الحياة الزوجية , و كان زوجي غير راغب بالقدوم إلى الهند لحل هذه المشكلة ، لذلك ذهبت إلى الكويت لأثبت له براءتي من كل ما قيل له عني , و بمساعدة بعض أهل العلم والأقارب تكلموا معه وأخبروه أن ما فعله مخالف للدين والإنسانية , وبمساعدة أحد الأطباء أخبرناه أن وضعي الصحي ليس من الجدية بمكان ، وأنني يمكن أن أتكيف معه بشكل طبيعي , لكن زوجي لمن يكن راغباً في تقبل تلك الأمور ، ورفض أن أمكث فترة العدة معه , وأعطاني زوجي خيارين اثنين : إما أن أذهب إلى بيت أصهاري أو أن أذهب إلى منزل والديّ ، وأعطاني 80 ديناراً كنفقة لكل فترة العدة , و رفض أن يدفع لوالدي بدل ما أنفقوه عليّ في تلك الفترة , والآن فإن فترة العدة قاربت على الانتهاء ولا أدري ماذا أفعل .
فهل يجوز لي أن أرفع دعوى على أقارب زوجي لأنهم تسببوا بكل هذه المشاكل؟ ، وهل يجوز أن أرفع قضية إلى المحكمة المدنية لتحصيل مبلغ النفقة التي أستحقها؟ ، وما هو رأي الشرع والدين في مثل هذا الطلاق الذي دمّر حياتي؟ ، وهل في الإسلام حكم يجبر الرجل على أن يقوم بدفع نفقة أو تعويض لمطلقته بعد انتهاء فترة العدة؟ ، وهل يجوز أن أطلب المساعدة من المحكمة الشرعية أو المحكمة المدنية؟ ، وما معنى الآية رقم 241 في سورة البقرة ؟
هل للمطلقة بعد الدخول متعة
السؤال: 126281
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
إذا طلق الرجل زوجته ثلاثا بكلمة واحدة كأن قال : أنت طالق ثلاثا أو بالثلاث ، أو بكلمات متفرقة بأن قال : أنت طالق طالق طالق ، وقعت طلقة واحدة على الراجح ، وله أن يراجعها ما دامت في العدة ، فإن انقضت العدة لم يرجع إليها إلا بعقد جديد .
ثانياً :
تستحق المطلقة الرجعية النفقة أثناء العدة ، ولا يجوز إخراجها من البيت ؛ لقوله تعالى : (لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً) الطلاق/1.
وعليه فلك المطالبة بالنفقة التي أنفقها والدك خلال العدة إن كانت نفقة زوجك لم تكفك ، ولك الرجوع للمحكمة الشرعية ورفع الدعوى بذلك ، فإن لم توجد محكمة شرعية ، ولم يمكن أخذ الحق عن طريق مناصحة الزوج وتوسيط أهل الخير ، جاز الرجوع إلى المحكمة المدنية مع كراهة التحاكم إلى القانون الوضعي ، وعدم أخذ ما زاد على الحق ولو قضت به المحكمة .
ثالثاً :
قال الله تعالى : ( وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) البقرة/241 .
وهذه المتعة واجبة للمطلقة قبل الدخول إذا لم يكن لها مهر محدد عند العقد ، لقوله تعالى : ( لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ ) البقرة/236 .
فإن كان الطلاق بعد الدخول ، لم تجب المتعة عند جمهور الفقهاء ، بل تستحب .
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى وجوبها لكل مطلقة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : تجب المتعة لكل مطلقة، حتى بعد الدخول، واستدل بقوله تعالى: ( وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ ) [البقرة/241] و”المطلقات” عام، وأكد الاستحقاق بقوله: (حَقّاً) أي: أحقه حقاً، وأكَدَّه بمؤكد ثانٍ وهو قوله: (عَلَى الْمُتَّقِينَ)، فدلّ هذا على أن القيام به من تقوى الله، وتقوى الله واجبة، وما قاله الشيخ رحمه الله قوي جداً فيما إذا طالت المدة، أما إذا طلقها في الحال فهنا نقول:
أولاً: إنّ تعلق المرأة بالرجل في المدة اليسيرة قليل جداً.
ثانياً: إنّ المهر حتى الآن لم يفارق يدها، فقد أُعطيته قريباً.
أما إذا طالت المدة سنة، أو سنتين، أو أشهراً، فهنا يتجه ما قاله شيخ الإسلام رحمه الله فيكون هذا القول وسطاً بين قولين، الاستحباب مطلقاً، والوجوب مطلقاً، وهذا هو الراجح ” انتهى من “الشرح الممتع” (12/308).
والمتعة تكون بحسب حال الزوج ، الموسع الغني، والمقتر الفقير المعسر. قال تعالى : ( وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ ) البقرة/236 ، فليس فيها شيء محدد .
فينبغي للرجل إذا طلق زوجته أن يطيب خاطرها بشيء من المال يعطيه لها .
وأما رفع دعوى على أقارب الزوج فلا نظن أنها ستأتي لك بشيء ، ففوضي أمرهم إلى الله ، وهو سبحانه يجازي كل إنسان بما عمل وصنع .
وأنت لا تدرين ما هو الخير لك ، فلعل الله يسوق لك خيراً ، كما قال سبحانه : ( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة/216 .
فالجئي إلى الله تعالى ، واعتصمي به ، وفوضي أمرك إليه ، وأكثري من طاعته ، فإن الله تعالى لا يتخلى عن عباده الصالحين .
نسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك ويقضي لك خيراً .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب