0 / 0

يكره للإمام تخصيص نفسه بالدعاء المشترك دون المأمومين

السؤال: 126348

هل دعاء الإمام لنفسه في صلاة الجماعة يعتبر خيانة للمأمومين ، وهل ذلك جائز ، أم إنه يجب أن يدعو للمأمومين ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الدعاء الذي يشترك فيه الإمام والمأمومون في صلاة الجماعة ؛ يعني : أن الإمام يدعو ، ويؤمن المأمومون ، هو الذي يكره فيه للإمام أن يخص نفسه بالدعاء دون المأمومين ، وذلك لما جاءعَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ثَلَاثٌ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَهُنَّ : لَا يَؤُمُّ رَجُلٌ قَوْمًا فَيَخُصُّ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ دُونَهُمْ ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ خَانَهُمْ . وَلَا يَنْظُرُ فِي قَعْرِ بَيْتٍ قَبْلَ أَنْ يَسْتَأْذِنَ ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ دَخَلَ . وَلَا يُصَلِّي وَهُوَ حَقِنٌ حَتَّى يَتَخَفَّفَ ) .

رواه أبو داود (رقم/90) والترمذي (357) وقال حديث ثوبان حديث حسن .

وقد ضعف هذا الحديث ابن خزيمة ، وشيخ الإسلام ابن تيمية ، وابن القيم ، وغيرهم .

انظر: ضعيف أبي داود ، للشيخ الألباني (12، 13) .

وعلى تقدير ثبوت الحديث ، فالمراد به ما ذكرناه أولا : أن يخص نفسه في دعاء يشاركه المأمومون فيه .

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل لرجل يؤمُّ قوما فيخص نفسه بالدعاء دونهم فإن فعل فقد خانهم ) هل يستحب للإمام أنه كلما دعا الله عز وجل أن يشرك المأمومين ؟ وهل صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يخص نفسه بدعائه في صلاته دونهم ؟ فكيف الجمع بين هذين ؟

فأجاب :

” ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم :

( أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول ؟ قال : أقول : اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب . اللهم نقني من خطاياي كما يُنَقَّى الثوب الأبيض من الدنس . اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد )

فهذا حديث صحيح صريح في أنه دعا لنفسه خاصة وكان إماما ، وكذلك حديث علي في الاستفتاح الذي أوله : ( وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض – فيه – فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، واصرف عني سيئها فإنه لا يصرف عني سيئها إلا أنت )

وكذلك ثبت في الصحيح أنه كان يقول بعد رفع رأسه من الركوع بعد قوله : ( لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت )

وجميع هذه الأحاديث المأثورة في دعائه بعد التشهد مِن فعله ومِن أمره لم يُنقَل فيها إلا لفظ الإفراد ، كقوله : ( اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال ) .

وكذا دعاؤه بين السجدتين وهو في السنن من حديث حذيفة ، ومن حديث ابن عباس ، وكلاهما كان النبي صلى الله عليه وسلم فيه إماما ، أحدهما بحذيفة ، والآخر بابن عباس .

وحديث حذيفة : ( رب اغفر لي ، رب اغفر لي ) ، وحديث ابن عباس فيه : ( اغفر لي ، وارحمني ، واهدني ، وعافني ، وارزقني ) ونحو هذا .

فهذه الأحاديث التي في الصحاح والسنن تدل على أن الإمام يدعو في هذه الأمكنة بصيغة الإفراد . وكذلك اتفق العلماء على مثل ذلك ، حيث يرون أنه يشرع مثل هذه الأدعية .

وإذا عرف ذلك تبين أن الحديث المذكور – إن صح – : فالمراد به الدعاء الذي يؤمِّنُ عليه المأموم : كدعاء القنوت ، فإن المأموم إذا أمَّنَ كان داعيا ، قال الله تعالى لموسى وهارون : (قد أجيبت دعوتكما) ، وكان أحدهما يدعو والآخر يؤمِّنُ .

وإذا كان المأموم مؤمِّنًا على دعاء الإمام ، فيدعو بصيغة الجمع كما في دعاء الفاتحة في قوله : ( اهدنا الصراط المستقيم ) ، فإن المأموم إنما أمَّن لاعتقاده أن الإمام يدعو لهما جميعا ، فإن لم يفعل فقد خانَ الإمامُ المأمومَ .

فأما المواضع التي يدعو فيها كل إنسان لنفسه ، كالاستفتاح ، وما بعد التشهد ، ونحو ذلك ، فكما أن المأموم يدعو لنفسه ، فالإمام يدعو لنفسه ” انتهى باختصار.

” مجموع الفتاوى ” (23/116-118)

ويقول العراقي رحمه الله :

” من أدب الدعاء أنَّ مَن دعا بمجلس جماعةٍ لا يخص نفسه بالدعاء مِن بينهم ، أو لا يخص نفسه وبعضَهم دون جميعهم ، ويتأكد استيعاب الحاضرين على إمام الجماعة ، فلا يخص نفسه دون المأمومين ، لما روى أبو داود ، والترمذي من حديث ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يؤم رجل قوما فيخص نفسه بدعوة دونهم ، فإن فعل فقد خانهم ) قال الترمذي : حديث حسن .

والظاهر أن هذا محمول على ما لا يشاركه فيه المأمومون ، كدعاء القنوت ونحوه ، فأما ما يدعو كل أحد به كقوله بين السجدتين : ( اللهم اغفر لي ، وارحمني ، واهدني ) فإن كلا من المأمومين يدعو بذلك ، فلا حرج حينئذ في الإفراد ، إلا أنه يحتمل أن بعض المأمومين يترك ذلك نسيانا أو لعدم العلم باستحبابه ، فينبغي حينئذ أن يجمع الضمير لذلك ” انتهى باختصار.

” طرح التثريب ” (2/136-137)

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android