0 / 0
19,71114/06/2010

أصحاب الأهواء هم أهل الخلاف والشقاق

السؤال: 126818

لماذا الإسلام مُقسّم إلى العديد من الفرق ، كالشيعة و السنة و السلفية ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
مما ينبغي أن يعلم أن الإسلام دين التوحيد ؛ قد جاء بتوحيد الله ، الذي هو أصل الأصول في هذا الدين ، وأمر باجتماع الناس كلهم على ذلك ، ونبذ دواعي النزاع والشقاق ، ونهى أشد النهي عن التفرق والاختلاف ، قال الله تعالى : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ) آل عمران/103
ثم قال تعالى بعدها :
( وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ )
آل عمران/105
وقال سبحانه : ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) الأنفال/46
وقال تعالى : ( وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ) الروم/31، 32 .
وقرأ حمزة والكسائي: ( فارقوا دينهم )
"حجة القراءات" (278) – "تفسير القرطبي" (14/ 32)

وعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا تَخْتَلِفُوا فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا ) . رواه البخاري (3476) .
قال الحافظ رحمه الله :
" فِي هَذَا الْحَدِيث الْحَضّ عَلَى الْجَمَاعَة وَالْأُلْفَة وَالتَّحْذِير مِنْ الْفُرْقَة وَالِاخْتِلَاف وَالنَّهْي عَنْ الْمِرَاء فِي الْقُرْآن بِغَيْرِ حَقّ ، وَمِنْ شَرّ ذَلِكَ أَنْ تَظْهَر دَلَالَة الْآيَة عَلَى شَيْء يُخَالِف الرَّأْي فَيُتَوَسَّل بِالنَّظَرِ وَتَدْقِيقه إِلَى تَأْوِيلهَا وَحَمْلهَا عَلَى ذَلِكَ الرَّأْي وَيَقَع اللِّجَاج فِي ذَلِكَ وَالْمُنَاضَلَة عَلَيْهِ " انتهى .

وعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَلَّلُ الصَّفَّ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَى نَاحِيَةٍ يَمْسَحُ صُدُورَنَا وَمَنَاكِبَنَا وَيَقُولُ : ( لَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ )
رواه أبو داود (664) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
وروى ابن ماجة (85) عن عبد الله بن عمرو قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ يَخْتَصِمُونَ فِي الْقَدَرِ ، فَكَأَنَّمَا يُفْقَأُ فِي وَجْهِهِ حَبُّ الرُّمَّانِ مِنْ الْغَضَبِ فَقَالَ : ( بِهَذَا أُمِرْتُمْ أَوْ لِهَذَا خُلِقْتُمْ ؟ تَضْرِبُونَ الْقُرْآنَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ ؟ بِهَذَا هَلَكَتْ الْأُمَمُ قَبْلَكُمْ )
صححه الألباني في "صحيح ابن ماجة" (1/157)

وعن عَرْفَجَةَ بن شريح قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّهُ سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ ( يعني فتن وأمور محدثة ) فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ جَمِيعٌ فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَنْ كَانَ ) . رواه مسلم (1852) .

والنصوص في الباب كثيرة لا تحصى ، والمقصود التنبيه على أن الإسلام لم يأت بالفرقة ، وإنما جاء بضدها من الألفة والاجتماع ، ولكن على الحق ، وهذا هو مفترق الطريق .
فالاجتماع مشروط بكونه على الحق ، ورد الخلاف مشروط بكونه إلى الحق ، فلما اختلفت أهواء الناس وتعددت مشاربهم ، تشتتت مفاهيمهم حول دعوة الإسلام ، ومن طلب الحق بدلائله يجدها لا تزال دعوة غضة طرية ، لا تشوبها شائبة ، ولا يعيبها عيب .
لقد بين النبي صلى الله عليه وسلم حال الأمة من بعده بقوله : ( أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا ، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ) رواه أبو داود (4607) وابن ماجة (44) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة
وعند ابن ماجة : ( قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ )
فأمر بالتمسك بالسنة دينا ، وأقر الاختلاف في الأمة قدرا ، ورده إلى السنة شرعا ، ووصف محدثات الأمور بأنها ضلالة ، وهو ما يتوافق مع ما تقدم من النصوص .

فالإسلام لا ينقسم إلى فرق يخالف بعضها بعضا ، ويعادي بعضها بعضا ، ولكن الناس هم الذين يختلفون بقدر بعدهم عن الدين ، وتركهم سنة نبيهم ، واتباعهم لأهوائهم .
روى ابن ماجة (3992) وابن أبي عاصم في السنة (53) عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، واحدة في الجنة وسبعون في النار ، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، فإحدى وسبعون في النار وواحدة في الجنة ، والذي نفسي بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ، فواحدة في الجنة واثنتان وسبعون في النار ) قيل : يا رسول الله ، من هم ؟ قال : ( هم الجماعة ) . صححه الألباني في الصحيحة (1492)
وفي رواية : ( ما أنا عليه وأصحابي ) رواه الترمذي (2641) وحسنه .

ثانيا :
أهل السنة ، أو السلفية ، وهما إطلاقان مترادفان ، هم المستمسكون باتباع كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، والمتابعون لهدي السلف الصالح ، في أقوالهم ، وأفعالهم ، وأحوالهم ؛
وهذا من أصول الخلاف بينهم وبين غيرهم من الطوائف ، أعني : أن يصدرون في كل شيء عن نص الكتاب والسنة ، أولا ، لا سيما في مسائل الاعتقاد ، ويراعون طريق السلف الصالح في ذلك كله ، ويقدمون ذلك كله على نتائج أفكار العقول ، وما تقوله الفلسفات البشرية ، فيما ليس من طاقة البشر من أمور الغيب .
وينظر : إجابة السؤال رقم (6280) ، (10121) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android