حديث مكذوب في محاولة جبريل عليه السلام أن يقيس عرض الجنة
السؤال: 127816
أريد أن توجهوني هل هذا حديث أم أثر ، لكي أعرف كيف أرد على كاتبي هذا الحديث أو المعتقدين به :
عن جبرئيل عليه السلام عندما طلب الإذن من الله بأن يقوم بقياس عرض الجنة ، فأعطاه الله الإذن بذلك ، فانطلق بالطيران في الجنة ، فطار مدة 300 ألف عام ثم توقف وطلب من الله أن يمده بالعون ليطير 300 ألف عام أخرى ، فأمدَّه الله سبحانه وتعالى ، فانطلق جبريل ، ولما قطع 300 ألف عام توقف ، وطلب من الله أن يمده ب 300 ألف عام أخرى ، وهكذا حتى قطع جبريل 900 ألف عام يطير في الجنة ، ثم توقف فرأى قصرا في الجنة قد أطلت منه إحدى الحوريات ، فقالت له يا جبرئيل ماذا تفعل ؟ قال أريد أن أقيس عرض الجنة ، قالت : يا جبرئيل لا تتعب نفسك ، أنت الآن منذ انطلاقتك الأولى تطير في حدود مملكتي ، قال : ومن أنت ؟ قالت : أنا زوجة لأحد المؤمنين .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
ليس
هذا النقل الوارد في السؤال بحديث ولا بأثر ، ولم يذكره أحد من أهل العلم من
المُحدِّثين ولا المفسرين ولا المؤرخين ، فيما نعلم ؛ وإنما تتناقله بعض كتب
الرافضة ومواقعهم ، وهي مليئة بالكذب والأساطير والخرافات ، فيبدو أن هذه القصة
واحدة من افتراءاتهم على الدين .
والمسلم يستغني في وصف الجنة بما ورد في الكتاب والسنة الصحيحة ، فقد وصف الله عز
وجل عرض الجنة في القرآن الكريم فقال :
(
وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ
وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) آل عمران/133.
وقال عز وجل :
(
سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ
السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ
فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ )
الحديد/21.
يقول الإمام البغوي رحمه الله :
” (
عَرْضُهَا السَّمَاوَات وَالأرْضُ ) أي : عرضها كعرض السموات والأرض ، كما قال في
سورة الحديد : (
وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ
)
أي : سَعَتُها ، وإنما ذكر العرض على المبالغة ؛ لأن طول كل شيء في الأغلب أكثر من
عرضه ، يقول : هذه صفة عَرْضِها فكيف طُولها ! قال الزهري : إنما وصف عرضها ، فأما
طولُها فلا يعلمه إلا الله ، وهذا على التمثيل ، لا أنها كالسموات والأرض لا غير ،
معناه : كعرض السموات السبع والأرضين السبع عند ظنكم ، كقوله تعالى : ( خالدين فيها
ما دامت السمواتُ والأرضُ ) سورة هود/107، يعني : عند ظنكم ، وإلا فهما زائلتان ،
وروي عن طارق بن شهاب أن ناسًا من اليهود سألوا عمر بن الخطاب وعنده أصحابه رضي
الله عنهم وقالوا : أرأيتم قوله : ( وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَات وَالأرْضُ )
فأين النار ؟ فقال عمر : أرأيتم إذا جاء الليل أين يكون النهار ، وإذا جاء النهار
أين يكون الليل ؟ فقالوا : إنه لمثلها في التوراة . ومعناه أنه حيث يشاء الله ”
انتهى.
معالم التنزيل ” (2/104)
وإذا كان قد ورد في وصف شجرة من أشجار الجنة أنه
(
يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِى ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لاَ يَقْطَعُهَا ) رواه البخاري
(3251) ومسلم (2826)، فكيف هو شأن الجنة نفسها إذن ؟!
وإذا كان ورد أيضا أن أدنى أهل الجنة منزلة له ( مِثْلُ الدُّنْيَا وَعَشَرَةُ
أَمْثَالِهَا ) رواه البخاري (6571) ومسلم (186)، وهو فرد واحد ، فكيف تكون سعة
الجنة لجميع أهلها ومن فيها إذن ؟! هذا يدلك على أن الجنة من أعظم مخلوقات الله عز
وجل .
فالحاصل أن هذا الخبر الوارد في السؤال غير صحيح ، بل مكذوب مصنوع ، تتناقله بعض
المنتديات التي تكثر فيها الخرافات ، فلا بد من الحذر منها .
وقد
اتفق علماء المسلمين على حرمة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحرمة
رواية الأحاديث المكذوبة ولو كان معناها مقبولا ، فالكذب نفسه كبيرة من كبائر
الذنوب ، فإذا كان كذبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أعظم إثما عند الله .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟