سمعت أن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أباح أكل الضفدع والتمساح ، فهل هذا صحيح ؟ .
ما حكم أكل الضفدع والتمساح عند الشيخ العثيمين؟
السؤال: 127963
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
سيكون الكلام في هذا الجواب لبيان قول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في حكم أكل الضفدع والتمساح ، وليس المراد من الجواب هو بيان أقوال العلماء والراجح منها .
ثانياً :
جاء في إباحة حيوان البحر قوله تعالى : ( أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً ) المائدة/96 .
وجاء في النهي عن قتل الضفدع : (أَنَّ طَبِيبًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ضِفْدَعٍ يَجْعَلُهَا فِي دَوَاءٍ فَنَهَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِهَا) رواه أبو داود ( 3871 ) ، وصححه الألباني في ” صحيح أبي داود ” .
وقد نقل عن الشيخ ابن عثيمين ما قد يُفهم منه أنه يبيح أكل الضفدع والتمساح ، وهو ما ورد في فتاوى “نور على الدرب” قال رحمه الله :
“صيد البحر كله حلال حتى للمحرمين ، يجوز لهم أن يصطادوا في البحر ؛ لقول الله تعالى : (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً ) فصيد البحر : هو ما أُخذ حيّاً ، وطعامه : ما وُجد ميتاً ، وظاهر الآية الكريمة ( أحل لكم صيد البحر ) ظاهرها : أنه لا يستثنى من ذلك شيء ؛ لأن صيد اسم مفرد مضاف ، والمفرد المضاف يفيد العموم ، كما في قوله تعالى : ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا ) ؛ فإن ” نعمة ” مفرد هنا ، ولكن المراد بها العموم ، وهذا القول هو الصحيح الراجح أن صيد البحر كله حلال لا يستثنى منه شيء ، واستثنى بعض أهل العلم من ذلك : الضفدع ، والتمساح ، والحيَّة ، وقال : إنه لا يحل أكلها ، ولكن القول الصحيح العموم ، وأن جميع حيوانات البحر حلال ، حيهُ وميتهُ” انتهى .
” فتاوى نور على الدرب ” ( شريط : 129 ، وجه : أ ) .
والشيخ هنا يتكلم عن صحة الاستثناء من الآية ، ويبين أن الصواب أنه لا يستثنى شيء ، ولا يقصد تقرير إباحة أكل الضفدع ، لأن له كلاماً آخر صريحاً أن الضفدع ليس من حيوانات البحر ، وإنما هي من البرمائيات ، وعلى هذا ؛ فلا تكون داخلة في الآية من الأصل ، وهذه بعض النقول عن الشيخ رحمه الله تؤيد ما قلناه :
1-قال رحمه الله – بعد ترجيح جواز أكل التمساح وحية البحر – : “فالصواب : أنه لا يستثنى من ذلك شيء ، وأن جميع حيوانات البحر التي لا تعيش إلا في الماء حلال ، حيّها ، وميتها ؛ لعموم الآية الكريمة التي ذكرناها من قبل – يعني : قوله تعالى : ( أحل لكم صيد البحر وطعامه )” انتهى.
” الشرح الممتع ” ( 15 / 35 ) .
2- وفي ” فتاوى إسلامية ” ( 3 / 388 ) .
“وأما الحيوانات البحرية : فكلها حلال ، صغيرها وكبيرها ؛ لعموم قوله تعالى : ( أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة ) ، فصيده : ما أخذ ، وطعامه ما وجد ميتاً ، هكذا جاء تفسيرها عن ابن عباس وغيره ؛ ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في البحر : ( هو الطهور ماؤه الحل ميتته ) .
ولا يستثنى مما في البحر شيء ، فكل ما فيه حلال لعموم الآية والحديث ، واستثنى بعض العلماء الضفدع والتمساح والحية ، والراجح أن كل ما لا يعيش إلا في البحر حلال ، والله أعلم” انتهى .
فهو هنا يؤكد على حل حيوانات البحر ، ويعرفها بأنها ” ما لا يعيش إلا في البحر ” ، ولا يتكلم رحمه الله عما استثني وهو من ” البرمائيات ” .
3- وفي ” شرح بلوغ المرام ” ( كتاب الأطعمة ، شريط رقم 2 ) – بعد أن ذكر حديث استئذان الطبيب في استعمال الضفدع في العلاج قال :
“الضفدع : دويبة معروفة ، تعيش في البر ، وتعيش في الماء ، وهذا الطبيب سأل النبي صلى الله عليه وسلم عنها ليجعلها دواء ، فنهى عن قتلها ، وإذا نهى عن قتلها : صارت حراماً ؛ لأنه من القواعد المقررة : “أن من طرق تحريم الحيوانات : ما أُمر بقتله ، أو ما نُهيَ عن قتله” ، وعلى هذا : فيكون الضفدع حراماً ، لا يجوز قتله” انتهى .
4- وسئل : ما حكم أكل الضفدع والحية والسرطان ؟ .
فأجاب :
“عموم قول الله تعالى : ( أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ ) المائدة/ 96 : يوجب الحل ، لكن ” الضفدع ” ليس بحريّاً ، الضفدع : مائيّ ، بريّ ، فلا يدخل في هذا” انتهى .
شريط ” لقاءات الباب المفتوح ” ( 112 / الوجه : ب ) .
5- وقال رحمه الله في ” الشرح الممتع ” ( 15 / 34 ) :
” الضفدع في الواقع : بري ، بحري ، إذاً ليس هو من حيوان البحر ؛ لأن حيوان البحر هو الذي لا يعيش إلا في الماء ” انتهى .
6- وسئل رحمه الله : هل لحم التمساح والسلحفاة حلال أم حرام ؟ لأن هذه كلها عندنا في السودان ، أفيدونا بارك الله فيكم .
فأجاب :
“كل صيد البحر حلال ، حيُّه ، وميتُه ، قال الله تعالى : ( أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : صيد البحر : ما أخذ حيّاًَ ، وطعامه : ما وُجد ميتاً ، إلا أن بعض أهل العلم استثنى ” التمساح ” ، وقال : إنه من الحيوانات المفترسة ، فإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن كل ذي ناب من السباع من وحوش البر : فإن هذا أيضاً محرم ، ولكن ظاهر الآية الكريمة التي تلوتها : أن الحل شامل للتمساح” انتهى .
” نور على الدرب ” ( شريط 137 ، وجه : أ ) .
وقد رَدَّ الشيخ رحمه الله على من حرم التمساح لأنه ذو ناب من السباع ، بأن هذا إنما هو في سباع البر ، أما سباع البحر فلها حكم آخر ، ولهذا فإن سمك القرش يجوز أكله ، مع أنه له ناباً يفترس به .
7 – فقال رحمه الله :
“وقوله : ” التمساح ” : فهذا – أيضاً – يحرم ، ولو كان من حيوان البحر ، قال في ” الروض ” : ” لأنه ذو ناب يفترس به ” .
فهل هذا صحيح ؟ .
الجواب : نعم ، لكنه ليس من السباع ، ولهذا ليس ما يحرم في البر يحرم نظيره في البحر ، فالبحر شيء مستقل ، حتى إنه يوجد غير التمساح مما له ناب يفترس به ، مثل : ” القِرش ” … .
والحاصل : أنه توجد أشياء تقتل ، ومع ذلك فإنها حلال ، وعليه : فإننا نقول : الصحيح أنه لا يُستثنى ” التمساح ” ، وأنه يؤكل” انتهى .
” الشرح الممتع ” ( 15 / 34 ، 35 ) .
وقد رجح جماعة من علمائنا المعاصرين حل أكل التمساح ، منهم :
علماء اللجنة الدائمة للإفتاء (22/185) ، والشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله (23/34) .
والخلاصة :
أن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يرى أن أكل التمساح حلال ، وأن أكل الضفدع حرام ، وأن التمساح داخل في عموم آية المائدة ، وأن الضفدع جاء النهي عن قتله صحيحاً في السنَّة .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب