0 / 0

تلاعب الأب بعداد الكهرباء، وانتفاع الأبناء بالأجهزة الكهربائية

السؤال: 128137

منذ فترة أجرى والدنا تعديلات في الكهرباء في المنزل بحيث لا يحسب عداد الكهرباء كل استخدامنا الشهري فأصبح تقريبا نصف البيت محمل على العداد ونحاسب عليه والنصف الآخر غير محمل ، ومن ضمن هذا النصف الغير محمل المطبخ بأجهزته الكهربائية كلها -الغسالة والثلاجة والفرن -والسخان الذى نتوَضأ منه.
أعلم أنه على خطأ ، ولكنه يرفض أن يعيده إلى أصله ، فما علينا نحن الأبناء إذا لم يستجب؟
وهل علينا إثم في استخدام هذه الأدوات؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً : مما لا شك فيه أن ما يقوم به والدك خطأ كبير، لأن التلاعب بعداد الكهرباء والتحايل على دفع الفواتير المستحقة من الغش والخداع وأكل أموال الناس بالباطل .

وكون المال ” مالاً عاماً” ليس مبرراً لأن يأخذ منه الإنسان بغير حق ، بل الاختلاس من المال العام أشد إثماً ؛ لأنه يتعلق بحق جميع المسلمين .

وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الأخذ من المال العام بغير حق ، فقال : ( إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ ، فَلَهُمْ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) . رواه البخاري (3118) .

قال الحافظ ابن حجر : ” ( يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ ) أَيْ يَتَصَرَّفُونَ فِي مَالِ الْمُسْلِمِينَ بِالْبَاطِلِ” انتهى من ” فتح الباري ” (6/219) .

وقال الشيخ ابن عثيمين : ” كل من يتصرف تصرفاً غير شرعي في المال – سواء ماله أو مال غيره – فإن له النار والعياذ بالله يوم القيامة ، إلا أن يتوب، فيرد المظالم إلى أهلها ” انتهى “شرح رياض الصالحين” حديث رقم (221).

وقد سبق الكلام عن حرمة ذلك ، ينظر جواب السؤال : ( 70274 ) ، ( 72384 ).

والواجب عليكم الاستمرار في نصحه ووعظه وتخويفه بالله حتى يقلع عن هذا الأمر.

ثانياً :

بما أن الكهرباء بمثابة الروح لهذه الأجهزة فلا يمكن أن تعمل دونها ؛ فإن الانتفاع بهذه الأجهزة بعد تشغيلها هو في حقيقته استهلاك لهذه الكهرباء المسروقة .

وعليه :

1- إذا كانت الكهرباء مسروقةً بشكل كامل ، أو أمكن تمييز المسروق منها عن غيره ، بأن كانت الكهرباء المسروقة تغطي غُرفاً معينة فقط : ففي هذه الحال لا يحل لكم الانتفاع بالمسروق ؛ لأن المال المختلس لا يجوز الانتفاع به لمن علم بحقيقة حاله .

والواجب عليكم السعي في إصلاح الوضع ، ورد العداد لوضعه الطبيعي ، ولو بغير رضا أبيكم ، فهذا من التعاون على البر والتقوى.

وإذا وجدت الحاجة لمن هم تحت نفقة الأب إلى استخدام الأجهزة الكهربائية ؛ لعدم قدرتهم على الاستقلال ، فيرخص لهم في الانتفاع بقدر الحاجة دون توسع ؛ نظراً لكون أغلب ملكية شركات الكهرباء تعود للمال العام الذي يكون للمحتاج حقٌ فيه .

2- أما إذا كان اختلاس الكهرباء غير متميز – نتيجة تبطيء العداد مثلاً – : ففي هذه الحال يكون التحريم قاصراً على الأب الذي تلاعب بعداد الكهرباء .

وأما باقي أفراد الأسرة فلا حرج عليهم من الانتفاع بها ؛ نظراً لاختلاط المحرم لكسبه بالحلال ، مع عدم القدرة على التمييز بينهما .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ”  وَالْحَرَامُ إذَا اخْتَلَطَ بِالْحَلَالِ فَهَذَا نَوْعَانِ :

أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ مُحَرَّمًا لِعَيْنِهِ ، كَالْمَيْتَةِ وَالْأُخْتِ مِنْ الرَّضَاعَةِ ، فَهَذَا إذَا اشْتَبَهَ بِمَا لَا يُحْصَرُ : لَمْ يَحْرُمْ ، مِثْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ فِي الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ أُخْتًا لَهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَلَا يَعْلَمُ عَيْنَهَا أَوْ فِيهَا مَنْ يَبِيعُ مَيْتَةً لَا يَعْلَمُ عَيْنَهَا ، فَهَذَا لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّسَاءُ وَلَا اللَّحْمُ

وَأَمَّا إذَا اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ بِأَجْنَبِيَّةِ أَوْ الْمُذَكَّى بِالْمَيِّتِ : حُرِّمَا جَمِيعًا .

وَالثَّانِي : مَا حَرُمَ لِكَوْنِهِ أُخِذَ غَصْبًا ، وَالْمَقْبُوضُ بِعُقُودٍ مُحَرَّمَةٍ كَالرِّبَا وَالْمَيْسِرِ : فَهَذَا إذَا اشْتَبَهَ وَاخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ : لَمْ يَحْرُمْ الْجَمِيعُ”. انتهى من “مجموع الفتاوى” (29/ 276).

وللاستزادة ينظر السؤال ( 215 ) ، ( 20002 ) ، ( 21701 ).

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android